المتابعون للمدونة

الجمعة، 20 أكتوبر 2017

أنا الدموع


أنا الدموع 

مَن قالَ يا قلبَاه إنَّ الدمعَ سِكّيني؟.. وأنا الدموعْ!
مَن قالَ إنَّ الحزنَ مِن نارٍ إذا شبَّت بنا تكوي الضلوعْ؟
من قالَ إن الموتَ أن أَزوِي وتَنتحرَ الربوعْ؟
مَن قالَ يا قلباهُ، والمَنفَى أنا؟
ويَدُ الخريفِ مُرَبِّتُ النَّجوَى وتخديرُ المُنَى؟
ما أقبحَ الرَّوضَ الذي فيه الزهورُ بلا سَنَا!
ما أهونَ الدَّوحَ الذي طرحَ الثمارَ مُحاصراتٍ بالقَنا
أشواكُكُمْ وعشِقتُها
وعزفتُ في الليلِ الطويلِ ربابتي
وعَرَفتُ مِن نجمٍ حزينٍ قصتي
ورحلتُ حتى أستعيرَ غرابَ عمري كي يبوحَ بغُنوتي
ما أظلمَ الفجرَ الذي يأتي على حسٍّ صريعْ
ما أتفهَ البدرَ الذي يعلو على قلبٍ ضريرْ!
ما أَنشزَ الغِرِّيدَ لو غنّى لأمواتِ الضميرْ
أفراحُكمْ وسئمتُها
وشفاهُكم طُلِيَتْ بِزَيفٍ كلُّها
وقصائدُ الحبِّ العظيمِ ونايُها ودُفوفُها
أفراحُكمْ أفراخُكمْ صارتْ تُربّيها الذئابْ
ضَحِكٌ بباطنِه العذابْ
ما أخطرَ البسماتِ لو أخفَتْ بها لَمْعَ الخناجرْ
ما أكذبَ الحبَّ العظيمَ إذا تَربَّى في الحناجرْ
وما أضلَّ ضجيجَكمْ
أنا لن أظلَّ أسيرَكمْ
لن أنصبَ "السِّيرْكَ" العجيبَ على دعاياتِ الربيعْ
إنّي الرحيلُ إلى الهدوءِ، إلى الشرودِ، إلى الصقيعْ
وأنا السُّكونُ، أنا الخريفُ، أنا الوحيدُ ولا أبيعْ
خداعةٌ كلُّ الربوعْ
حسبي صحاري غربتي دونَ الخنوعْ
ما عادَ يَخدعُني الغناءْ
كلُّ الذي قلتُم غُثاءْ
يكفي غُرابي مُنشدًا بينَ الضلوعْ
فأنا المُغنِّي غُربتي
وأنا الوحيدُ المُنزَوِي بينَ الجموعْ
وأنا الرحيلُ بلا رجوعْ
وأنا الأنينُ
أنا الدموعْ
محمد حمدي غانم، 1996

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر