المتابعون للمدونة

الثلاثاء، 22 أغسطس 2017

رجل وامرأتان

رجل وامرأتان!
 
كان بالنسبة لها أشياء كثيرة متضاربة..
هذا لأنه كان لها كل شيء!
***
أحبت فيه براءتها..
لكنها كرهت فيه سذاجتها!
تلك الفتاة الجميلة التي أحبت الدنيا بسلامة نية، ثم اكتشفت أنه لا مكان فيها للطيبين.
لكنه آخر الطيبين، وهو يجاهد لكي لا يفقد مكانه الصغير في قلبها الحانق على الحياة!
***
قال لها "أحبُّكِ" كثيرا..
سنواتٍ تلو سنوات، وهو يرسمها نفس تلك الفتاة البريئة الساذجة.
وهذا يملؤها بالسعادة.. والغضب!
***
قالت له بسخط:
* لا تحبها هي.. أحببني أنا.
- أحبكِ أنتِ وهي.. كلاهما أنتِ.
* لقد تغيرتُ.. صرتُ أكرهها.
- لا تكرهيني.
* أكره حبَّك لها.
- أحبيها لتحبيني.
* لا أستطيع.. فقد سبَّـبَتْ لي الكثير من الآلام.. كانت تحب كل الناس، فطعنها كل الناس.
- حتى أنا؟
* أنت كنتَ أولَ وأقسى طعنة!
- سامحيني.. لم أَخُنكِ يوما.
* لكنّك هربت.
- بل انهزمت!
* لا فارق.
- كنتُ مجروحا وضعفت فيئست.. جربت أن أكره الحياة قبلك، فكرهت نفسي، فابتعدت عنك لأنني أحبك.
* كنتُ أتمنى أن تكون أقوى.
- ما زلتِ أقوى نقاط ضعفي.
* أما أنا فتخلصتُ من كل نقاط ضعفي.
- تخلصتِ مني؟
* من كل ما يجعلني أحتاج لغير نفسي.
- تخلصتِ من قلبك!.. أنثى لا تعرف الحب: لا أنثى.
* أحب نفسي فقط.. وأكره ضعف الأنوثة!
- لقد صرتِ واحدة من الذين تكرهينهم.
* أنا؟.. كيف؟
- صرتِ من الجوارح.. من أولئك الذين سيُقنعون براعم بريئة جديدة أنها ساذجة مخدوعة لأنها تحب الحياة وتمنحها زهورها وعطورها وثمارها.. تقنعها أنها بدلا من هذا الضعف يجب أن تقمع زهورها وتتحصن بأشواكها.. تقنعها أنها يجب أن تجرح قبل أن تُجرح.. يجب أن تأخذ بدون مقابل.
* لا لستُ كذلك.
- بلى.. ما دمتِ تصدين عنك من يحبك.
* لم أَجْنِ من الحب إلا جراحه.
- أليس شيئا محزنا أن نصير ما نكره.. أن يُجبرنا الآخرون أن نكون مثلهم بسبب ما أجرموه في حقنا، ثم ندعي أننا نحن، ونرفض نصح من يحبوننا لنحمي ما نظنه حريتنا.
* هذا هو ثمن الاستقلال.
- هذا تمرد وليس استقلالا.
* فما الفارق؟
- لا أحد مستقل في الحياة.. نحن عالقون دائما في شبكة من العلاقات، نحتاج للبعض ويحتاجنا البعض.. وكل علاقة تفرض التزامها وتحد من حريتنا.. كل خيط في الشبكة يشدنا في اتجاه.. لكنه يمنحنا الإحساس بالانتماء والغاية من الوجود.. إنه مزيج بسيط ومعقد من الاحتياج والاكتفاء في نفس الوقت.. والمتمردون هم من يمزقون هذه الشبكة ظنا منهم أنهم يتحررون منها، فيسقطون دونها في فراغ الوحدة والانعزال.
* قد يكون كلامك منطقيا.. أو هو كذلك بالفعل.. ولكني لم أعد أستطيع أن أتغير.
- أرجوكِ لا تتغيري.. كوني فقط أنتِ التي من نظرةٍ أحببتُها.. فتخيّري.
* تريدني أن أكون هي.. لقد ذهبَتْ هي بغير رجعة.
- لكنني أحبها.. وأحبك.
* تحب اثنتين.. أنا لا أحب من يخونني مع غيري.
- أنتِ هي وهي أنت.. اثنتان في واحدة.
* بل واحدة بُنيت على أنقاض أخرى.
- أحبكِ.. لا أعرف شيئا آخر.. لا أرى امرأة أخرى.
* أنا امرأة أخرى.. وهي لا تحبك!
***
اختار أن يحبها، وفقد بعدها حرية الاختيار!
اختارت أن تعذب نفسها وتعذبه، وفقدت بعدها طعم الحياة.
***
كانت يمامة.. وكانت ترى حِضنه قفصا!
لم تدرك أن قلبه الذي يحبها سماء بلا منتهى..
حرية بلا حدود..
دهشة تتجدد إلى الأبد.
***
كانت تعرف أنه سينتظر.. دائما ما كان ينتظر.
لهذا طارت بعيدا بعيدا بعيدا.. دون أن تدري أنها ما زالت محبوسة داخل سماء قلبه!
***
سيمر العمر يوما..
لكنّ هذا الحب سيبقى..
إلى الأبد.
 
محمد حمدي غانم
22/8/2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر