المتابعون للمدونة

الأربعاء، 12 أبريل 2017

نهج البردة 1


نهج البردة (1/10) 

للاستماع للمقطع الأول من قصيدة نهج البردة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، لأمير الشعراء أحمد شوقي بصوتي:

على ساوند كلاود:

على يوتيوب:
 

 
وهذا المقطع مطلع غزلي، على عادة شعراء العرب قديما في الافتتاح بالنسيب.
وهذا هو شرح معاني الكلمات في هذا المقطع: 

ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ = أَحَلَّ سَفكَ دَمى في الأَشهُرِ الحُرُمِ
الريم: أصلها الرئم، وهو الظبي خالص البياض، والجمع آرام.
البان: شجر يضرب به المثل لاستقامة عوده ولدونته.
العَلَم: الجبل. 

رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا = يا ساكِنَ القاعِ أَدرِكْ ساكِنَ الأَجَمِ
الجؤذر: ولد البقرة الوحشية.. ويضرب بجمال عيونها المثل.. والمعنى أن نظرة عينيها كالسهم الذي رمى به القَدَر أسدا.
الأَجَم: جمع أجمة، وهي الشجر الكثيف الملتف، وساكن الأجم يعني أن الأسد يتخذ فيه عرينه، في مقابلة لساكن القاع (السهل) الذي أشار إليه سابقا بأنه ظبي أو بقرة وحشية. 

لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً = يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمِى
رنا: أطال النظر.
رُمِيَ: المبني للمجهول من الفعل رمى. 

جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي = جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ
جحدتها: الحجود إنكار الحقيقة رغم العلم بها.. أي أنه تجاهل إصابته بالسهم. 

رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ = إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ
الشيم: جمع شيمة، وهي الخُلُق. 

يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ = لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِلْ وَلَم تَلُمِ
شفك الوجد: أنحلك ألم الحب.
تعذل: العاذل هو اللائم بما يوجع من يلومه.. وأصل العَذْل في اللغة هو الإحراق، فكأن العاذل يحرق قلب من يلومه بكلامه.
تَلُمِ: صيغة الجزم من الفعل تلوم. 

لَقَد أَنَلتُكَ أُذْنًا غَيرَ واعِيَةٍ = وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ
منتصت: منصت مستمع.. انتصت: سكن ليمعن في الاستماع.
والبيت يعني أنه لا يسمع لعذاله ولائميه، فقلبه أصم عنهم. 

يا ناعِسَ الطَرْفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَدًا = أَسْهَرتَ مُضناكَ، في حِفظِ الهَوى فَنَمِ
الطرف بتسكين الراء: النظر.
مضناك: المُضْنَى: المتعب، الذي أتلفه المرض.
فَنَمِ: صيغة الأمر من الفعل نام.. وأصلها فـ نَمْ ، ويجوز في الشعر تحريك الفعل المجزوم بالكسر لمراعاة القافية. 

أَفديكَ إِلْفًا وَلا آلو الخَيالَ فِدًى = أَغْراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ
الإلف: الأليف.
آلو: من الفعل أَلَى بمعنى مَنَع وقَصَّرَ، فتقول هو يألو وأنا آلو (أصلها أألو وسهلت الهمزة الثانية).. ومنها التعبير الشهير: لم يَأْلُ جهدا.
ومعنى البيت: أن الشاعر يتمثل المحبوبة في خياله كما يشاء، فجمالها الذي أغراها بالبخل، هو الذي أغرى خياله بالكرم. 

سَرَى فَصادَفَ جُرحًا دامِيًا فَأَسَا = وَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ
سرى: سار ليلا، والضمير يعود على خياله في البيت السابق (وأشار إليه في نهاية البيت بالحلم، لهذا عبر بالفعل سرى لأن الحلم يكون ليلا)
أسى الجرح: داواه.. فالخيال والحلم هما ما دواء جراح شوقه. 

مَنِ المَوائِسُ بانًا بِالرُبَى وَقَنًا = اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمِى
الموائس: جمع مائسة وهي المتبخترة.. من الفعل ماس أي اهتز وتمايل.. يعني النساء اللاتي يتمايلن دلالا في مشيتهن، كأغصان البان المتمايلة مع النسيم.
الربى: جمع ربوة، وهي الأرض المرتفعة.
القَنا: جمع قناة وهي الرمح.
وهو يشبه المائسات بأنهن شجر البان على الربا أو الرماح.
ملحوظة: شكلت البيت باعتبار مَن استفهامية، ولكن يمكن أن تكون مِن حرف جر، ويكون مبتدأ الجملة هو اللاعباتُ:
مِنَ الموائسِ بانا بالربى وقنا = اللاعباتُ بروحي السافحات دمي
والمعنى بهذا يكون: أن من بين الموائس، بعض اللاعباتِ بروحي. 

السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحًى = يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَلْىِ وَالعِصَمِ
السافرات: الظاهرات (المرأة السافرة هي التي تكشف وجهها).
يُغرن: من الفعل أغاره أي جعله يغار.. والمضارع: هو يُغيره وهم يغيرونه وهن يُغِرنَه.
الحَلْي: ما تتزين به المرأة من الجواهر، والجمع حُلِيّ.
العِصَم: جمع عصْمة وهي القلادة التي تزين بها المرأة رقبتها.
وهو يعني أن وجوههن في جمال البدور الطالعة صبحا، والتماع الحلي والقلائد التي يتزينّ بها يجعل شمس الضحى تغار. 

القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ = وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ
السَّقَم: المَرَض، وهو يعني أن نظرتهن رقيقة كأن أجفانهن المتراخية خجلا ودلالا سقيمة، أو أن نظرتهن له تُسقمه وتمرضه.
المَنيّة: الموت. 

العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما = أُقِلْنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ
العَثْرة: السقطة.
الألباب: جمع لُبّ وهو العقل.
العاثرات بألباب الرجال: التي تجعل عقول الرجال تتعثر.
أُقِلْنَ: من الفعل أقال.. يقال أقاله من عثرته إذا أعانه على النهوض.. وإذا بنيت هذا الفعل للمجهول تقول: هو أقيل من عثرته، وهم أقيلوا من عثراتهم، وهنَّ أُقِلْنَ من عثراتهنَّ.
الدل: الدلال.
الرَّسَم: المشي الحسن.. والمعنى: أنهن يتعثرن في مشيتهن بسبب دلالهن ورقتهن.. ورغم هذا يجعلن عقول الرجال تتعثر! 

المُضرِماتُ خُدودًا أَسفَرَتْ، وَجَلَتْ = عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَّرَمِ
المضرمات: أضرم النار: أشعلها.. ويعني احمرار خدودهن خجلا.
جَلَت: من الفعل جلا يجلو أي اتضح وظهر.. هو جَلَى وهي جَلَتْ.
الضَّرَم: اشتعال النار. 

الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ، مُختَلِفًا = أَشكالُهُ، وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ
مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ، زُيِّنَتا = لِلعَينِ، وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ
الآرام: جمع ريم، وهي الظبي الأبيض خالص البياض.
العُصُم: أصلها العُصْم لكنه حرك الصاد لمراعاة الوزن والقافية.. والعصماء العنزة السوداء التي أرجلها بيضاء وجمعها عُصْم.
الحسن في الآرام كالعصم: أي: يكون الحسن في الآرام، كما يكون الحسن في العصم.. وهو يعني أن الحسن يكون في النساء البيضاوات والسمراوات على حد سواء، مثلما يكون الحسن في الظباء البيضاء والماعز السوداء. 

يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي، وَمِن عَجَبٍ = إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالعَنَمِ
يُرَعن للبصر السامي: أي يفزعهن النظر إليهن.. من الفعل أراعه أي أفزعه، وهو يُراع وهن يُرَعنَ.
السامي: سما يسمو: ارتفع.. وتعبير الشاعر بسمو البصر إليهن، يشير إلى شده الإعجاب كأنهن في موضع عال.
العَنَم: نبتة حجازية لها شجرة حمراء، تشبه بها أصابع النساء المخضوبة بالحناء.. وهو يعني أن إشارة واحدة بأصابعهن المخضوبة الملونة بلون العنم، تأسر الأسد، رغم أنهن يخفن من مجرد نظر العيون إلى حسنهن. 

وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبًى = يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفى أَكَمِ
وضعت خدي: كناية عن الاستسلام لافتتانه بحسنهن.
يرتعن: من رتع يرتع أي يتنعم ويتمتع ويأكل وشرب في الريف.
الكُنُس: جمع كناس وهو بيت الظبي بين الشجر.
الأَكَم: جمع أكمة، وهي المنطقة المرتفعة عما حولها.
ويعني أن قلبه صار معجبا بهن كأنه صار مرتعا يلعبن بين جنباته في الكنس والأكم. 

يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المَحْمِيِّ جانِبُهُ = أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ
اللبد: جمع لِبدة وهي شعر الأسد.
الغاب: جمع غابة.
الأُطُم: الحصن المبني بالحجارة (يعني هنا القصر)، وجمعه آطام وأُطوم.
وهو يشبه غيرة أبيها عليها ومهابته بالأسد، ويسأل متعجبا إن كان سيراها في الغابة أم في القصر. 

ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ = أَنَّ المُنَى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ
عنَّ: ظهر.
المُنَى: جمع مُنْية وهي الأمنية.
المنايا: جمع مَنِيّة وهي الموت.
وهو يعني أن الاقتراب من مضارب خيام قومها أمر خطير، فكأنما اجتمع فيها أمنية لقائها بالموت الذي قد يصيبه لو رآه أهلها.

مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ = وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ
الصمصامة: السيف
الضرغامة: الأسد
القَرِم: المفترس شديد الشهوة إلى اللحم.
وهو ما زال يتعجب كيف ينبت الغصن الطري من سيف شديد، وتكون الريم بنتا لأسد مفترس
وهذا نوع من المدح المتواري لأبيها وليس كما يبدو ذما. 

بَيني وَبَينَكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ = وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ
الحُجُب: جمع حجاب.
العِصَم: جمع عصمة وهي المنعة والصون.
يعني: أنها محجوبة عنه وراء الرماح السمراء في أيدي قومها، ومحجوبة كذلك وراء عفتها العذرية التي تصونها وتحفظها.

لَم أَغشَ مَغناكِ إِلا في غُضونِ كَرًى = مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ
أغش: صيغة الجزم من الفعل أغشى بمعنى أدخل أو أمر عبر.
المغنى: البيت الغني العامر بأهله.
غضون: أثناء.
الكَرَى: النوم.
إرم: مدينة قوم عاد التي ذكرت في القرآن (إرم ذات العماد).
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر