المتابعون للمدونة

الخميس، 4 فبراير 2016

لم تفارق يا أبي


لم تفارقْ يا أبي 


كلَّ يومٍ في صلاةِ الفجرِ ذكرَى

حينما تَبكيكَ أمّي بدموعِ الحزنِ مُرّا

خيرَ أربعينَ عامًا عِشرةً، قد كنتَ عُمرا

كنتَ فيها تَزرعُ الأيامَ صَبرا

لم تُفارقْ يا أبي

كلُّ شيءٍ في حنايا البيتِ يَحكي عنكَ عِطرا

ها هنا في دِفءِ شمسٍ كنتَ تقضِي الصبحَ تَكرَى

ها هنا صليتَ فرضًا، أو شربتَ الشايَ عصرا

ها هوَ الجوّالُ ردَّ على سؤالِكْ

"كلّمي (حمدي) و(محسنْ) نطمئنَّ على عيالِكْ"

تَفتحُ التلفازَ: "فازَ في مباراةِ الزمالِكْ"

"إنّه الأهلي وهَذِي خيرُ بُشرى"

تَسمعُ الأخبارَ تبكي فرحةَ الثواّرِ لمّا صِرتَ حُرّا

تَسمعُ الأخبارَ أخرَى ثمًّ تبكي همَّ مِصرَا

"إنَّ بعدَ العُسرِ يُسرا"

كنتَ فردًا يا أبي.. والآنَ تحيا ألفَ ذكرَى

طِبتَ في الأحياءِ ذِكرا

طِبتَ في الأمواتِ قبرا

طِبتَ في دنيايَ عُمرا

 

محمد حمدي غانم
29/1/2016
 

لسنوات طويلة، اعتاد أبي وأمي أن يستيقظا قبل صلاة الفجر بساعة، يتسامران ويدعوان لنا، انتظارا للصلاة.. الآن أسمع أمي تبكي وقت الفجر.. كان أبي وأمي في حوار دائم منذ خطبها وإلى يوم مماته.. وكان آخر هذا الحوار في المستشفى ليلة وفاته، حينما قالت له أمي:
-      لا تغضب مني لأني تأخرت عليك اليوم.
فأجابها:
-      أنت حبيبتي.. هل يغضب أحد من حبيبته.
وأسند رأسه على كتفها ونام، وتوفي وقت الفجر.
هذه أجمل قصة حب رأيتها في حياتي.. لا ينفي هذا أنهما كانا يتشاجران أحيانا أو يحتدان في الحوار، لكنهما سريعا ما يتصالحان.. لم أرَ في زوجين آخرين مثل تلك الألفة التي كانت بينهما.
رحمك الله يا أبي، وجعل حسن عشرتك في ميزان حسناتك، وغفر لك وأدخلك الجنة بغير حساب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر