المتابعون للمدونة

الأربعاء، 18 نوفمبر 2015

ستظلّ في لغتي


ستظلّ في لغتي

في رثاء أ. (جمال الشربيني عبد الواحد) رحمه الله
أستاذي الذي جعلني أعشق اللغة العربية وعلّمني النحو والصرف والبلاغة فتذوقتُ الشعر وكتبته

 


 

عـنْ حـزنِ قلبي خانَني iiإعرابي

أبكي  (جمالَ) الصرْفِ iiوالإعرابِ

لـلقلبِ  فـي موتِ الأحبّةِ iiصدمةٌ

مـثلُ  انـهيارِ مـدينةٍ iiوخـرابِ

هـو غُـصّةٌ مـهما تكرّرَ، iiدائمًا

يَـحتارُ  فـيهِ  الـعقلُ iiباستغرابِ

لـولا  تَـغافلَ  عـنهُ في iiأوهامِهِ

مـا  سـاغَ أكْلٌ وارتشافُ iiشرابِ

حـتّى  تَـرُوعَ  القلبَ كلُّ مُصيبةٍ

ويُـزيلَ  سَـكْرَتَنا نَـعيبُ iiغُرابِ

إذْ ذاكَ نَـذكرُ مـا نَـسِينا iiلحظةً:

أنَّ الـحـياةَ تَعـارُفُ الأغـرابِ

***

ربّـاهُ!..  يـا  أسـتاذُ قدْ iiأفجعتَنا

وأتَـى رحـيلُكَ مثلَ طَعْنِ iiحِرابِ

خـمسونَ عامًا حينَ زادتْ iiخمسةً

طـارتْ  إلـى  مَثواكَ كالأسرابِ

لم  نَقْضِ  مِنكَ ومِن حضورِكَ أُلفةً

إنَّ  الـحياةَ  تَـمُرُّ مَـرَّ سَـرَابِ

قـدْ  كنتَ  حُلوَ الطبعِ صَفْوَ سَجِيَّةٍ

يَـبكِي  عـليكَ بـدمعِهم أتـرابي

خُـلِّدْتَ أسـتاذي بِـمَنْ iiعـلّمتَهم

لَمْ  تَفْنَ  لا، إنْ صِرْتَ تحتَ تُرابِ

خُـلِّدْتَ  كـالأمثالِ  والحِكَمِ iiالأُلَى

وكَـكُلِّ  حَـرْفٍ خَطَّهُ ii(حَمُرابي)

وكـكلِّ  وجْـدٍ ذاقَـهُ iiمُـتصوّفٌ

يَـكفي  هُـداهُ  ولُـقمةٌ iiبِـجِرابِ

وكـكـلِّ قـلبٍ يَـشتهي iiحُـرّيّةً

عَشِقَ الكرامةَ في خطابِ (عُرابي)

***

يـا  مـن بِغَضِّ العمرِ قد iiعلّمتَني

أنَّ  الـقصيدَ  بـلاغةُ iiالأعـرابِ

ألـزمتُ قـافيتي رَوِيًّـا iiصَـوتُهُ

مِن  فَرْطِ دمعٍ في حروفي ii"رابي"

وقَـبسْتُ مِـنكَ الـعلمَ حينَ iiكتبتُهُ

لـبيانِ  فـضلِكِ  لـيسَ للإغرابِ

ستعيشُ  بي ذِكراكَ ما دامتْ iiحرو

فُ فـصاحتي تَـنثالُ يـا iiعَرَّابي

وبـكـلِّ  تـشـبيهٍ  بـليغٍ قـلتُهُ

وبـكلِّ  شِـعرٍ  طابَ ذي إطرابِ

وبـكـلِّ  فِـكرٍ بـاليَراعِ كَـتَبتُهُ

قـدْ  أوضـحَتْ لُـغتي بِهِ iiآرابي

أَدعـو  لـكَ:  اللهمَّ فـاغْفِرْ iiذَنْبَهُ

أَنـعِـمْ  عـليهِ  بِـجَنّةٍ وقُـرابِ

واحـفظْ أسـاتذتي إلـهي iiكـلَّهمْ

أَدعـو  لـهم  ومـحبّتي مِحرابي

***

يـا حُـجّةً فـي النحوِ مُنذُ iiتركتَنا

تَـبكي  عـليكَ قـواعدُ iiالإعرابِ

فـاغفرْ  لِـلفظي إن تَضاءلَ وصفُهُ

والـشِّعرِ  إنْ أَعْـيا عنِ الإعرابِ

 

محمد حمدي غانم، 17/11/2015

 

أتخيل الآن لو أن الأستاذ جمال رحمه الله قرأ هذه القصيدة أنه كان سيجعل طلابه يستخرجون منها توريتين وجناسا تاما وعددا من مواضع البلاغة الأخرى، مع إعراب بعض المواضع التي فيها تقديم وتأخير.

وبالمناسبة: سبق له أن استخدم مقطوعة من قصيدتي "انتهاك حدود اللحظة" في أحد امتحاناته.. فقد كنت على علاقة مستمرة به عبر ربع قرن، وتشرفت بإهدائه ديوانيَّ المطبوعين.

رحمك الله يا أستاذ جمال.. كان يعشق ما يفعل وكان هذا ينتقل منه لطلابه كالسحر.. وكان يبسّط الشرح لدرجة ضرب أمثلة من واقع الحياة.. وما زلت أذكر أنه كان يشرح لنا البلاغة ونحن في المرحلة الإعدادية رغم أنها كانت مقررة في الثانوية، لكنه كان يبسط لنا الأمور جدا، لدرجة أنني ما زلت أذكر وهو يشرح لنا السجع وكيف يلفت الذهن ويطرب الأذن، استدلاله بنداءات الباعة الجائلين على بضاعتهم، مثل: "قربي يا صبية، الفراخ على العربية، للدبيح وللتربيّة".

توفي الأستاذ جمال يوم السبت 14/11/2015.. رحمك الله يا أستاذي وغفر لك وأسكنك فسيح جناته.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر