المتابعون للمدونة

الاثنين، 10 سبتمبر 2012

أمسية في وقائع فيل ونملة!

أمسية في وقائع فيل ونملة!

أكوامُ الورقِ المُلقَى في إهمالٍ تحتَ خريفِ الليلْ
دقاتُ الساعةِ فوقَ عقاربَ غَضْبى
راحتْ تنبشُ رَملَ الوقتِ عن الأرقامْ
أشباحُ الوحدةِ والآهاتِ وذِكرَى ماتتْ
وأزيزُ الفِكرِ يُطاردُ أُذْنَكَ مثلَ طنينِ النحلِ بحربٍ مُرّةْ
ثمةَ أسئلةٌ وعلامةُ عَجَبٍ واستفهامٍ بينَ رَحاكْ
تَطحنُ أشلاءَ العقلِ وتعصرُ دَمعكَ بينَ الحسرةِ والأشجانْ
أَتُراكَ المُهملَ مَنْ بَدَّدَ، أَتُراكَ جَنَيْتْ؟
ما ذنبُ النملةِ كي تَحملَ أثقالَ الفيلْ؟
والفيلُ العابثُ، كسلانًا قد راحَ ليغفوَ مسرورا في ظلِّ فراشةْ!
ما مَبعثُ كلِّ الحَيرةِ والآلامْ؟
وإلى أينَ يغيبُ الحُلمُ وتُمحَى البسمةْ؟
أتُراكَ الجاري طيلةَ عمرِكَ خلفَ قطارْ؟
أم أنتَ الآملُ يوما ينمو عطرُ الزهرةِ وَسْطَ النارْ؟
ثمةَ أرقامٌ بينَ حروفٍ لا مدلولَ تُشيرُ إليهْ
مِصباحٌ يُرسلُ ضوءًا أسودَ
يَرسُمَ شبحًا يرقصُ فرحًا
في طياتِ الليلِ الجاثمِ فوقَ عيونِ الوقتْ
دقاتُ الساعةِ تصرخُ ألمًا
تستنهضُ هِمّةَ عقربِ وقتٍ
نامَ لكي تَبقَى فئرانُ الليلِ تَهيمْ
الظلُّ الهاربُ مِن نيرانِكَ يَرقصُ دونَ يَعدُّ خُطاهْ
وإناءُ الزهرِ الحاوي الزهرَ الزائفَ
يَسخرُ منكَ برغمِ جبالِ تُرابٍ نامتْ فوقَهْ
آلافٌ مِن أشكالٍ ظلّتْ حولَكَ دهرا،
كنتَ تَراها دونَ شعورْ
***
الفيلُ العابثُ ـ بعدَ خمولٍ ـ هامَ شغوفًا بفراشاتِهْ
شاهدَ مَلَكًا يهبطُ رِفْقًا
فوقَ خدودِ الوردِ
ليطبعَ قُبَلاً
يرشفَ عطرًا
يرقصَ فَرَحًا
ظلُّ يراقبُها مفتونًا برشاقتِها حتّى استهواهُ يقلدُّها!
قفزَ الفيلُ وطارَ ليهويَ كالإعصارِ
ليسحقَ حسنَ الزهرِ وحلمَ فراشِهْ!
لكنَّ العابثَ لم يَأبَهْ أو يشعرْ شيئا من حُزنٍ أو وَخْزِ ضميرْ!
ضربَ الكفّينِ علامةَ عَجَبٍ
وضعَ الخرطومَ خَجولاً في فَمِهِ
كالطفلِ الحائرِ قد أعجزَهُ فهمًا شَيءْ
لكنَّ الفيلَ أخيرًا ضَحكَ ومَرِحَ وسارَ بعيدًا
قنعَ بلهوٍ آخرَ في مَرعاهْ!
رحلَ الفيلُ وتركَ رُفاتَ الوردِ
وحُلمَ فَراشٍ ماتَ غليلا قبلَ يَذوقُ الشهدْ
***
الليلُ طويلْ
والعقربُ أحمقُ
لدغَ الوقتَ، فأجثمَ ليلَ غُدافٍ فَوقَ كلاكلِ ذِكرى ماتتْ
أتُراكَ أثِمتَ لأنّكَ كنتَ
ترومُ الفَرْحِ ككلِّ الناسِ ترومُ الفرْحْ؟
أَمْ أنتَ الأرعنُ رُمتَ المشمشَ وقتَ شتاء؟!!
ثمةَ أوراقٌ صفراءٌ تتساقطُ حولَكَ تدهسُها لَوثة قدميكْ
ثمةَ أحزانٌ تَحويكْ
وحياةٌ ليستْ تَبغيكْ
وقبورٌ مِن صمغِ الصمتْ
ثمةَ إحساسٌ بالإحباطِ يحيطُ النملةْ
كانتْ تلهثُ خلفَ الفيلِ
تُجرِّرُ وِزْرَ الحِمْلِ بِكلِّ أناةْ
والفيلُ العابثُ يَمرقُ كالصاروخِ بكلِّ مكانْ
النملةُ تلهثُ مُجهَدةً
والفيلُ العابثُ يَرتشفُ الأوهامَ
وينمو ينمو طولَ الوقتْ
والعقربُ ماتَ وحيدا تحتَ صخورِ الليلْ
النملةُ تَذوِي
والعقربُ ميّتْ
والفيلُ سينمو طولَ الوقتْ
والحلمُ هشيمٌ بينَ رُفاتِ فراشٍ ماتْ!

محمد حمدي غانم
1995



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر