المتابعون للمدونة

الثلاثاء، 17 يناير 2012

موسيقى الشعر: 8- المتدارك وشعر التفعيلة

موسيقى الشعرِ العربي.. دروس مبسطة للهواة
بقلم: محمد حمدي غانم
8- المتدارك وشعر التفعيلة

سنقوم الآن بتقطيع قصيدة قارئة الفنجان لنزار قباني، وهي قصيدة من شعر التفعيلة، أي أنها تتكون من سطور شعرية، ولا تلتزم بعدد ثابت للتفعيلات في كل سطر.. وطبعا هي على وزن البحر المتدارك.
سأقوم بتقطيع هذه القصيدة لك.. وعليك أن تقرأ البيت ثمّ تتبعه بقراءة تقطيعه الموسيقيّ.
وهذه قراءتي لهذه القصيدة مقطعة عروضيا.. اسمعها، ثمّ أعد قراءة تقطيع القصيدة بنفس الطريقة.




والآن فلنرَ القصيدة وتقطيعها:

جلسَتْ والْخوفُ بعينيها
جلسَتْ ـ ولْ خو ـ فُ بِعَيْ ـ نيهَا

تتأمّلُ فنْجاني المقْلوبْ.
تتأمْ ـ ملُ فِنْ ـ جَانلْ ـ مقْلوبْ.

قالتْ يا ولدي لا تحْزنْ
قَالتْ ـ يَا وَلَ ـ دي لا ـ تحْزنْ

فالْحبّ عليكَ هو المكْتوبْ.
فَلْ حُبْ ـ بُ عَلَيْ ـ كَ هُوَلْ ـ مكْتوبْ.

بصّرْتُ ونجّمْتُ كثيرًا.
بَصْصرْ ـ تُ وَنَجْ ـ جَمْ تُ كَ ـ ثِيرَنْ.

لكنّي لمْ أقْرأْ أبدًا
لاكِنْ ـ ني لَمْ ـ أقْرأْ ـ أبَدَنْ

فنْجانًا يُشْبه فنْجانَكْ.
فِنْجَا ـ نَنْ يُشْ ـ بِهُ فِنْ ـ جَانَكْ.

بَصّرْتُ ونجّمْتُ كثيرًا.
بَصْصرْ ـ تُ ونجْ ـ جمْتُ كَ ـ ثِيرَنْ.

لكنّي لمْ أعْرفْ أبدًا
لاكِنْ ـ ني لمْ ـ أعْرفْ ـ أبدَنْ

أحْزانًا تشْبه أحْزانَكْ.
أحْزَا ـ نَنْ تُشْ ـ بِهُ أحْ ـ زَانَكْ.

مقْدورُكَ أنْ تمْضيَ أبدًا
مقْدو ـ رُكَ أنْ ـ تمْضيَ ـ أبدَنْ

في بحْرِ الحبّ بغيرِ قلوعْ.
في بَحْ ـ رِلْ حُبْ ـ بِ بِغَيْ ـ رِ قلوعْ.

وتكونَ حياتُكَ طولَ العمْرِ كتابَ دموعْ.
وتكو ـ نَ حَيَا ـ تُكَ طو ـ لَلْ عُمْ ـ رِ كِتَا ـ بَ دموعْ.

مقدورُكَ أنْ تبْقى مسْجونًا بينَ الماءِ وبينَ النارْ.
مقدو ـ رُكَ أنْ ـ تبْقا ـ مسْجو ـ نَنْ بَيْ ـ نَلْ مَا ـ ءِ وَبَيْ ـ نَنْ نَارْ.

وبرغْمِ جميعِ سوابِقِهِ.
وبرغْ ـ مِ جَمِي ـ عِ سَوَا ـ بِقِهي.

وبرغْمِ جميعِ حرائقِهِ.
وبرغْ ـ مِ جَمِي ـ عِ حَرَا ـ ئقِهي.

وبرغْمِ الحبِّ السّاكنِ فينا ليلَ نهارْ.
وبرغْ ـ مِلْ حُبْ ـ بِسْ سَا ـ كِنِ في ـ نَا لَيْ ـ لَ نَهَارْ.

وبرغْمِ الرّيحِ برغْمِ الجوِّ الماطرِ و الإعْصارْ.
وبرغْ ـ مِرْ رِي ـ حِ برَغْ ـ مِلْ جَوْ ـ وِلْ مَا ـ طرِ وَلْ ـ إعْصَارْ.

فالحبُّ سيبْقى يا ولدي
فَالحبْ ـ بُ سَيَبْ ـ قا يَا ـ ولدي

أحلى الأقْدارْ.
أحْلَلْ ـ أقْدَارْ.

بحياتِكَ يا ولدي امْرأةٌ
بحَيَا ـ تِكَ يَا ـ وَلَدِمْ ـ رأتُنْ

عيناها سبْحانَ المعْبودْ.
عينَا ـ هَا سُبْ ـ حَانَلْ ـ معْبودْ.

فمُها مرْسومٌ كالْعنْقودْ.
فمُهَا ـ مَرْسو ـ مُنْ كَلْ ـ عُنْقودْ.

ضحْكتُها أنْغامٌ وَوُرُودْ.
ضحْكتُ ـ هَا أنْ ـ غَامُنْ ـ وَوُرُودْ.

والشّعْرُ الغَجَريُّ المجْنونُ يسافرُ في كلِّ الدّنيا.
وَشْ شَعْ ـ رُلْ غَجَ ـ رِيْ يُلْ ـ مَجْنو ـ نُ يُسَا ـ فِرُ في ـ كِلْ لِدْ ـ دُنْيَا.

قدْ تغْدو امْرأةٌ يا ولدي
قدْ تَغْ ـ دُمْ رَأَ ـ تُنْ يَا ـ ولدي

يهْواها القلْبُ هيَ الدّنيا.
يهْوَا ـ هَلْ قَلْ ـ بُ هِيَدْ ـ دُنيَا.

لكنَّ سماءَكَ ممْطرةٌ
لاكِنْ ـ نَ سَمَا ـ ءَكَ مُمْ ـ طِرَتُنْ

وطريقُكَ مسْدودٌ مسْدودْ.
وَطَرِي ـ قُكَ مَسْ ـ دُودُنْ ـ مَسْدودْ.

فحبيبةُ قلْبكَ يا ولدي
فَحَبِي ـ بَتُ قَلْ ـ بِكَ يَا ـ ولدي

نائمةٌ في قصْرٍ مرْصودْ.
نَائمَ ـ تُنْ في ـ قَصْرِنْ ـ مَرْصودْ.

مَن يدْخلُ حجْرتَها.
مَنْ يَدْ ـ خُلُ حُجْ ـ رتَهَا.

من يطْلبُ يدَها.
مَنْ يَطْ ـ لبُ يَدَ ـ هَا.

مَن يدْنو مِن سورِ حديقتِها.
مَنْ يَدْ ـ نُو مِنْ ـ سُورِ حَ ـ دِيقَتِ ـ هَا.

مَنْ حَاولَ فَكَّ ضَفَائرِها.
مَنْ حَا ـ وَلَ فَكْ ـ كَ ضَفَا ـ ئِرِهَا.

يا ولدي مفقودٌ مفقودٌ مفقودْ.
يَا وَلَ ـ دِي مَفْ ـ قُودُنْ ـ مفقو ـ دُنْ مَفْ ـ قُودْ.

ستفتّشُ عنْها يا ولدي في كلِّ مكانْ.
سَتُفَتْ ـ تِشُ عَنْ ـ هَا يَا ـ وَلَدِي ـ في كُلْ ـ لِ مَكَانْ.

وستسْألُ عنْها موجَ البحْرِ وتسْألُ فيروزَ الشّطْآنْ.
وَسَتَسْ ـ ألُ عَنْ ـ هَا مَو ـ جَلْ بَحْ ـ رِ وَتَسْ ـ ألُ فَيْ ـ رُوزَشْ ـ شُطْآنْ.

وتجوبُ بحارًا وبحارا.
وَتَجُو ـ بُ بِحَا ـ رَنْ وَبِ ـ حَارَا.

وتفيضُ دموعُكَ أنْهارا.
وَتَفِي ـ ضُ دُمو ـ عُكَ أنْ ـ هَارَا.

وسيكْبرُ حزْنُكَ حتّى يصْبحَ أشْجارا.
وَسَيَكْ ـ بُرُ حُزْ ـ نُكَحتْ ـ تايصْ ـ بحَأشْ ـ جَارَا.

وسترْجعُ يومًا يا ولدي
وَسَتَرْ ـ جِعُ يَو ـ مَنْ يَا ـ ولدي

مهْزومًا مكْسورَ الوجْدانْ.
مَهْزو ـ مَنْ مَكْ ـ سُورَلْ ـ وِجْدَانْ.

وستعْرفُ بعْدَ رحيلِ العمْرِ بأنّكَ كنْتَ تطاردُ خيطَ دُخَانْ.
وَسَتَعْ ـ رِفُ بَعْ ـ دَ رَحِي ـ لِلْ عُمْ ـ رِ بِأنْ ـ نَكَ كُنْ ـ تَ تُطَا ـ رِدُ خَيْ ـ طَ دُخَانْ.

فحبيبةُ قلْبِكَ ليسَ لها أرْضٌ
فَحَبِي ـ بَتُ قَلْ ـ بِكَ لَيْ ـ سَ لهَا ـ أرْضُنْ

أو وطَنٌ أو عُنْوانْ.
أوْ وَطَ ـ نُنْ أو ـ عُنْوَانْ.

ما أصْعبَ أن تَهْوَى امْرأتَنْ
مَا أصْ ـ عَبَ أنْ ـ تَهْوَمْ ـ رَأتَنْ

ليسَ لها عنْوانْ.
ليسَ لَ ـ هَا عُنْ ـ وَانْ.
***

ملاحظات
1-    بعيدا عن الموسيقى.. كيف يقول نزار قباني: "جلست والخوف بعينيها تتأمّل فنجاني المقلوب؟".. هل كان الفنجان مقلوبا وهي تتأمّله؟
هذا من بلاغة الإيجاز في العربيّة، فالمعني: فنجاني الذي كان مقلوبا (وهذا من طقوس قارئات الفنجان) ثمّ عدلته لتقرأه.. وهذا مجاز مرسل باعتبار ما كان.. وبهذا فقد اختصر نزار حكاية طويلة عريضة، ليصف مشهد قراءة الفنجان بثلاث كلمات فقط!
وهذا ليس غريبا على نزار.. انظر إلى هذا البيت:
"حتّى فساتيني التي أهملتها فرحت به رقصت على قدميه"
حتّى: تدلّ على أنّ كلّ الأشياء فرحت به وأصابها التغيير، حتّى الفساتين.
التي أهملتها: كيف كانت الفتاة حزينة في غيابه.
فرحت به: كيف عادت تتزين له بأجمل فساتينها عندما عاد.
رقصت على قدميه: وصف لمشهد شاعري يتراقصان فيه.. تمّ إسقاط المشاعر فيه على الفساتين، لأنّ الإنسان حينما يكون سعيدا يرى فرحته مرتسمة على كلّ ما حوله، ويشعر بأنّ كلّ شيء يشاركه هذه السعادة.. كما أنّ التعبير مناسب جدّا لحركة الفساتين أثناء التراقص.. وهذا يرسم في ذهن السامع المشهد كاملا بحركاته وحيويته.
يمكنك أن تضع هذه النقطة في اعتبارك وأنت تكتب الشعر.. لأنّ ما ستواجهه دائما هو حاجتك إلى التعبير عن مشاعر إنسانية مستهلكة من آلاف السنين (كالحبّ والحزن والشوق والغضب و... و... ) في إطار جديد.. وأفضل طريقة لهذا، هي الابتعاد عن قول المشاعر في جمل مباشرة (مثل أنا غاضب وأنا حزين) والاعتماد بدلا من ذلك على تحميلها للكون والأشياء من حولك.. كما ترى في مثال نزار.
أقول لك: لو لم يُسفّ نزار غريزيا في بعض أشعاره ويستخدم صورا صادمة للعقيدة، لاعتبرته أحبّ الشعراء إلى قلبي.. ما الذي كان سيخسره وهو بكلّ هذه الشاعريّة، لو تقيد بضوابط الشرع؟
2- لا تخلو القصيدة من الهنات اللغوية.. مثلا:
-   لا يجوز نفي الماضي بالظرف "أبدا" فالأبد كلمة مستقبلية وتستخدم لنفي المستقبل، بينما ينفى الماضي بالظرف "قَطْ" أو "قطُّ".. لهذا يعد خطأ أن يقول: "لمْ أقْرأْ أبدًا" و "لمْ أعْرفْ أبدًا" بينما الصواب هو "لم أقرأ قطّ" و"لم أعرف قطّ".. أمّا التعبير "مقْدورُكَ أنْ تمْضيَ أبدًا" فهو صحيح.
-   "ضحْكتُها أنْغامٌ وَوُرُودْ": الورود في اللغة هو مصدر الفعل وَرَدَ إذا أتى الشخص البئر للسقاية، بينما الوردة تجمع على ورد وليس وردود.
-   "فمُها مرْسومٌ كالْعنْقودْ": من وجهة نظري، التشبيه غير ملائم، فمن حيث الشكل لا يوجد تشابه بين الشفتين والعنقود يبرر قوله "مرسوم كالعنقود".. ربما كان وجه الشبه في الطعم، ولكن صياغة الجملة بهذا الشكل لا تعطي هذا المعنى لتركيزها على كلمة الرسم التي تحيل إلى التشابه المظهري!
- "وسيكْبرُ حزْنُكَ حتّى يصْبحَ أشْجارا": الأشجار ليست أبلغ الكلمات لوصف ضخامة الحزن، فالأشجار تعطي معاني بهيجة كالخضرة والظل والفاكهة... إلخ.. ربما لو قال: "وسيكْبرُ حزْنُكَ حتّى يصْبحَ أسوارا" وبهذا يعني معنى الضخامة والإحاطة والحبس المستديم!.. النصيحة هنا هي ألا تستسلم لدواعي القافية ولا تلوِ معانيك لمجرد أن تأتي بكلمات القافية فتفقد بلاغة التعبير.. اعتصر ذهنك بشدة لإيجاد كلمة القافية الأكثر دقة وإفادة للمعنى.
3-      لكن لماذا نصنّف هذه القصيدة من شعر التفعيلة؟
هذه القصيدة من شعر التفعيلة لأنّها مكوّنة من سطور شعريّة، كلّ سطر منها يتكوّن من عدد من التفعيلات، قد يزيد أو ينقص عن عدد تفعيلات غيره من السطور.. أو قد يساويه.
والسطر الشعريّ، هو ما بين القافية والتي تليها.. لاحظ أن طريقة كتابة شعر التفعيلة قد تستدعي أحيانا كتابة السطر الشعري الواحد على أكثر من سطر مقروء، وذلك لإبراز بعض المعاني بصورة معيّنة.
انظر لاختلاف عدد التفعيلات في السطور التالية:
فَحَبِي ـ بَتُ قَلْ ـ بِكَ يَا ـ ولدي نَائمَ ـ تُنْ في ـ قَصْرِنْ ـ مَرْصودْ. (7 تفعيلات)
مَنْ يَدْ ـ خُلُ حُجْ ـ رتَهَا. (3 تفعيلات)
مَنْ يَطْ ـ لبُ يَدَ ـ هَا. (3 تفعيلات)
مَنْ يَدْ ـ نُو مِنْ ـ سُورِ حَ ـ دِيقَتِ ـ هَا. (6 تفعيلات)
مَنْ حَا ـ وَلَ فَكْ ـ كَ ضَفَا ـ ئِرِهَا. (4 تفعيلات)
يَا وَلَ ـ دِي مَفْ ـ قُودُنْ ـ مفقو ـ دُنْ مَفْ ـ قُودْ. (6 تفعيلات)
أمّا في الشعر العموديّ (كما رأينا في قصيدة يا ليل الصبّ)، فإنّ القصيدة تتكوّن من أبيات لكلّ منها طول ثابت (نفس عدد التفعيلات).

4-    لعلك لاحظت اختلاف بعض التفعيلات في نهاية بعض السطور الشعرية، مثل السطور التي تنتهي بـ: مكتوبْ ـ رتها ـ ها... فما سبب هذا يا ترى؟
هذا شيء يسمى العِلّة، وهي دخول زيادة أو نقص على أحرف التفعيلة الأخيرة في الشطرة.
وهذه العلّة يجب التزامها في كلّ المواضع المناظرة عبر القصيدة العموديّة (أو عبر المقطع إذا كانت القصيدة العمودية مقسمة إلى مقاطع).. بمعنى أنّ علّة الشطر الأوّل يجب أن توجد في نهاية الشطر الأوّل عبر كلّ القصيدة (أو المقطع).. وعلّة الشطر الثاني يجب أن توجد في نهاية الشطر الثاني عبر كلّ القصيدة (أو المقطع)، كأن تكون القصيدة على الصيغة:
فعلن فعلن فعلن فَعْ...... فعلن فعلن فعلن فعلان
فعلن فعلن فعلن فَعْ...... فعلن فعلن فعلن فعلان
ولا يصح أن تأتي ببيت في نفس المقطع السابق له الصيغة التالية:
فعلن فعلن فعلن فعلن...... فعلن فعلن فعلن فعلان
أو: فعلن فعلن فعلن فع...... فعلن فعلن فعلن فع

ومن العلل التي يمكنك استخدامها في البحر المتدارك:
-      فَعْ (/5).. مثل (ها) في نهاية السطر:
مَنْ يَدْ ـ نُو مِنْ ـ سُورِ حَ ـ دِيقَتِ ـ هَا.
-      فَعْلْ (/55).. مثل (وان) في السطر:
ليسَ لَ ـ هَا عُنْ ـ وَانْ.
-   فَعْلانْ (/5/55) أو فَعِلانْ (///55).. مثل (مكتوبْ) في السطر:
فَلْ حُبْ ـ بُ عَلَيْ ـ كَ هُوَلْ ـ مكْتوبْ.

5-    لعلك لاحظتَ وجود مقاطع في القصيدة لا تتفق مع ما تعرفه من تفعيلات البحر المتدارك.. مثل: (يَا وَلَ) التي لها الرموز (/5//)، في السطر:
قَالتْ ـ يَا وَلَ ـ دي لا ـ تحْزنْ
فهل هذا خطأ من نزار قباني في الوزن؟.. خاصة أنّه تكرّر في عدّة سطور أخرى؟
في الحقيقة هذه تفعيلة أخرى من تفعيلات البحر المتدارك، اسمها "فَاعِلُ" (/5//)، واستخدامها معتاد خاصة في شعر التفعيلة، وهي صحيحة ولا مشكلة في استخدامها.
ويمكنك التدرّب عليها مثلما تدربنا على "فَعْلُنْ" و"فَعِلُنْ"، كالتالي:
يقتلُ: فاعلُ.
إنّكَ: فاعلُ.
أحمدُ: فاعلُ.
أناْ علّمتُكِ (أَنَ علْ ـ لَمْتُكِ): فَعِلُنْ فاعلُ.
..... وهكذا.
بالمناسبة:
بما أنّنا نتكلّم الآن عن التفعيلة "فاعلُ"، فأحبّ أن أخبركَ أنّ أصل البحر المُحدث هو التفعيلة "فاعِلُنْ" (/5//5).. فإذا حذفت الحرف الأخير صارت فاعلُ، وإذا حذفت الحرف الثاني صارت فَعِلُنْ، وإذا حذفت الحرف الأخير وسكّنت ما قبله، صارت فاعلْ = فَعلُنْ.
يسمّى هذا الأمر: الزِّحَاف، وهو تغيير يصيب التفعيلة بتسكين أحد حروفها أو حذفه.. ويمكن أن يأتي في أيّ موضع من البيت.
لكن أحبّ أن أحذّرك: فاعلن تتكوّن من خمسة حروف، بخلاف فاعلُ و فعِلن و فعْلن.. واستخدام تفعيلات مختلفة الطول في نفس البيت، سيجعلك ترتبك موسيقيا، خاصة في بداية تدرّبك على الكتابة على هذا البحر.
ولكن من الأفضل أن تحتفظ بهذه المعلومة في ذهنك، لأنّ التفعيلة فاعلن مستخدمة في العديد من القصائد.. فلا تعتقد أنّ هناك كسرا في الوزن.. لكنك ستلاحظ أن القصائد التي تستخدم التفعيلة فاعلن، تستخدم معها التفعيلتين فاعلُ وفِعلن فقط، ولا تستخدم التفعيلة فعْلن إلا كعلة في نهاية الشطرة.. بينما القصائد التي توجد فيها التفعيلة فعْلن، لا تستخدم فيها التفعيلة فاعلن.. لهذا يقسم البعض هذا البحر إلى بحرين مميزين: البحر الذي يستخدم التفعيلة فاعلن يسمى المتدارك، والبحر الذي يستخدم التفعيلة فعْلن يسمى الخَبَب.



هناك 10 تعليقات:

  1. أولا : سعيد بزيارة صفحتك . وثانيا أهنئك على فكرك وعلى سعة إطلاعك . أما الثالث فأنا متيّم بالأدب وكنت أبحث عن الكتابة العروضية لقارئة الفنجان .. في الحقيقة لم تشفي كل غليلي منها لكنك أستفد منك الكثير ...جزاك الله كل خير وبارك الله فيك وكثّر من أمثالك ...
    يشرفني زيارتك لصفحتي .. هي الآن تحت الإنشاء وقريبا سأطرح كتاباتي .. ومعها عنواني .. لذا آمل أن تكون بالقرب .. والأكيد لي رجعة لمدونتك فهي تستحق الوقوف عندها كثيرا ...
    السلطان خالد

    ردحذف
  2. مرحبا أخي الفاضل..
    شكرا لتقديرك ومرحبا بك في مدونتي..
    هذا الدرس واحد من سلسلة دروس، والأفضل لو تابعتها منذ بدايتها لتكون الأمور واضحة.. رابط فهرس الدروس في أعلى الموضوع.
    تحياتي

    ردحذف
  3. السلام عليكم
    مررت من هنافراق لي هذا الثراء ، ووقفت من خلال هذا الدرس القيم على ارتباك موسيقي حيرني في قصيدة لي لم أكن أعرف أنه نتيجة تكرار التفعيلة (فاعلُ) ! فألف ألف شكر

    ردحذف
  4. وسيكْبرُ حزْنُكَ حتّى يصْبحَ أشْجارا": الأشجار ليست أبلغ الكلمات لوصف ضخامة الحزن، فالأشجار تعطي معاني بهيجة كالخضرة والظل والفاكهة... إلخ.. ربما لو قال: "وسيكْبرُ حزْنُكَ حتّى يصْبحَ أسوارا"

    صديقي الكريم اخي العزيز هذا التعبير ليس تعبير بالحجم بل انه تعبير زمني اي انه سيسقي بدمعه الارض حتى يطلع الشجر
    شكرا لك على كل هذا الشرح الرائع لكن هذه الملاحظة شدتني للحديث عنها ششكرا لكم بكل الود

    ردحذف
    الردود
    1. لقد استخدم لفظة وسيكبر فعبر عن الحجم.. ولو أراد ما ذكرت لقال: وسيهطل حزنك حتى ينبت أشجارا
      وحتى هنا لا أحبذ الأشجار، والأفضل منها الصبار
      وسيكبر حزنك حتى يصبح صبارا
      وسيهطل حزنك حتى ينبت صبارا

      حذف
  5. أحسنت في تحليلك العروضي يا أخي الفاضل

    ردحذف
  6. أنت مبدع يا مهندس الكلمة محمد، أتمنى لك التوفيق

    ردحذف
  7. اما عن الهنات اللغوية فانهم يقولون يباح للشاعر ما لا يباح لغيره ,, واسمح لي ان ابارك واثمن هذا الجهد الرائع المشكور لحضرتك .. كل الكتابات في هذا المضمار قبل كتاباتك كانت لا تعد اكثر من طلاسم .. وانا انقل عنك وباسمك وخالص تحياتي لحضرتك

    ردحذف
  8. السلام عليكم .. أعتقد لو طبقنا بحر الخبب يكون أكثر ملاءمة ولم الشكر

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر