المتابعون للمدونة

السبت، 27 أغسطس 2011

حتى لا تلتهم الثورة نفسها

حتى لا تلتهم الثورة نفسها

الشائع في الثورات أنها تلتهم نفسها، وتنتحر بنفس سلاحها.. فمن يثور على حاكمه، يسهل عليه أن يثور على زملائه في الثورة بعد ذلك إن اختلف معهم!!.. وقد حدث هذا في الكثير من الثورات، كالثورة الفرنسية والثورة العراقية، وحدث عندنا في ثورة يوليو، حينما أطاح عبد الناصر بمحمد نجيب، ثم تخلص من رفاقه واحدا تلو الآخر بما في ذلك صديقه المقرب عبد الحكيم عامر.. وهناك من يقول إن عبد الناصر نفسه مات مسموما.. ثم جاء السادات ليتخلص ممن بقي من أنصار عبد الناصر فيما أسماه ثورة التصحيح، ثم انتهى الأمر باغتياله!
لهذا يجب ألا ننساق وراء مدح ثورية الشباب، فهي قنبلة موقوتة، فكل شاب في مصر الآن يعتقد أنه صاحب الثورة والوصي عليها، وأنه الأحق بالحكم وتولي الوزارة!!.. وهذا وقود ملتهب لكل الفتن والفوضى والصراعات!!
وقد اختارت أغلبية الشعب المصري الاستقرار، ورضيت بالانتخابات كآلية سلمية لانتقال السلطة.. لكن هؤلاء الشباب مصرون على إثارة الفوضى وتعطيل مصالح الناس.. فنحن لم نطالب بأي تغيير في الوزراء والمحافظين,, فكلهم مؤقتون سيذهبون بعد عدة أشهر، وكل المطلوب منهم أن يحافظوا على مؤسسات الدولة إلى أن تأتي حكومة منتخبة لاستلامها منهم.. لكن كل إنسان في مصر الآن يرى أن من حقه اختيار الوزير الذي يعجبه، ورفض الوزير الذي لا يعجبه، وطبعا من المستحيل إرضاء كل الناس!!
إن الوضع الحالي مقلق، فكل موظف حكومي اليوم مر عليه أربع وزراء على الأقل في أقل من سبعة أشهر (وزير من حكومة نظيف، ووزير من حكومة شفيق، ووزيرين من حكومة شرف)!!.. وهذا وضع يؤدي إلى ارتباك العمل في الوزارات وتعطيل كل المشاريع، وتأخير مصالح المواطنين!!
فهل يجب أن نلخبط حياة الناس بسبب حفنة من الزاعقين في الميدان، ومجموعة من المحرضين لهم ممن يريدون تحقيق أمجاد وهمية يستغلونها في الدعاية الانتخابية؟
حينما صوت الشعب المصري بنعم على التعديلات، كان يريد الاستقرار، والبناء السريع لمؤسسات الدولة من خلال الانتخابات الحرة، وهذا معناه أنه يرفض كل أشكال الفوضى والتغييرات الكثيرة العبثية، والجدل السفسطائي في قضايا هامشية، والصراخ الدائم في الميادين.. ويجب على المجلس العسكري أن يعي هذه النقطة جيدا، ولا يمشي وراء شباب معظمهم عيال في الجامعة ما زالوا يأخذون مصروفهم من أهاليهم حتى الآن، ومحرضيهم من معدومي الشعبية!
وبخلاف كل ما سبق، يمكن أن يقتل الإنترنت الثورة كما أشعلها.. فأي أحد يستطيع نشر الشائعات من خلاله ليشعل الأحداث ويدمر البلد.. وبمثل ما سهّل الإنترنت لنا التحريض على مبارك، فهو يسهل لكل الجهات الخارجية التحريض على الفتنة وعلى الجيش، ولا شك أن الموساد له مئات الأعضاء على الفيسبوك يتلاعبون الآن بعقولنا.
لهذا أنا ضد أي تحرك عشوائي من الشباب.. يجب أن يكون هناك تنسيق بين كل قوى الثورة للتكتل من أجل مطالب محددة لا خلاف فيها.. بدلا من أن نفاجأ كل ليلة باشتباكات وصدامات يبدو جليا أنها مدبرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر