المتابعون للمدونة

الأحد، 13 مارس 2011

نعم للتعديلات الدستورية.. لا لانتخاب طاغية أولا

نعم للتعديلات الدستورية.. لا لانتخاب طاغية أولا

حتى الآن، الاستفتاء على التعديلات الدستورية سيكون بإذن الله يوم 19 مارس، إن لم يتم تأجيل هذا الموعد فجأة.
ومن وجهة نظري المبنية على استماعي لنقاسات كثيرة في الفضائيات بين محللين ودستوريين ومثقفين من اتجاهات مختلفة، فإن التعديلات الدستورية التي قدمتها لنا لجنة تعديل الدستور تحقق لنا المزايا التالية:
-  فترة انتقالية قصيرة، تضمن للجيش العودة إلى مهامه الأصلية، خاصة مع الاضطرابات الحالية على الحدود المصرية من الشرق والجنوب والغرب.
-  تحمينا من خطر حكم عسكري جديد بعد أن اكتوينا بحكم أربعة من العسكر لستة عقود متوالية دمروا فيها كل شيء في مصر.
-  تضمن لنا المادة 185 مكرر إنشاء دستور جديد بعد ترشيح مجلسي الشعب والشورى، وبالتالي تعطينا الفرصة لتقليص صلاحيات الرئيس قبل انتخابه.
أما الكلام عن إنشاء دستور جديد الآن، فهو كلام غير مسئول، فمن هو الذي سيضع هذا الدستور ومن الذي سيناقشه؟.. كما أن هذا الاقتراح يقتضي مد فترة الحكم العسكري لفترة طويلة، لتفصيل مصر على مقاس بضعة علمانيين منتفعين!
من المهم أن نعرف أن هذه التعديلات أجرتها اللجنة على اعتبار أن المسار الطبيعي للأمور هو انتخاب مجالس تشريعية لتضع دستورا جديدا، ومن ثم يتم انتخاب رئيس جديد على أساسه.. ولكن العلمانيين الذين يعرفون جيدا أن الحرية ستجعلهم يخرجون من المولد بلا حمص، أخذوا ينبحون لانتخاب رئيس للبلاد أولا، لكي يضمن لهم تفصيل انتخابات ودستور يخدم مصالحهم ويواصل إقصاء الإسلاميين والمثقفين الوطنيين والشعب المصري عن العملية السياسية!
فلو تم ترشيح رئيس أولا، فسيمتلك كل صلاحيات الدكتاتور السابق، ويزيد عليها عدم وجود مجالس تشريعية تراقبه، وسلطته المطلقة في وضع الدستور الجديد وإنشاء المجالس النيابية على هواه، بتحريض من نفس جوقة المنافقين العلمانيين الذين يزينون له سوء عمله، ويبررون له تفصيل مصر على مقاسه ومقاسهم بحجة الخطر الأصولي المزعوم، لنظل ندور في فلك نفس الأقلية المجرمة التي تحارب شعبها إلى ما لا نهاية!!
لهذا إن كان ولا بد من ترشيح رئيس أولا، فيجب أن يتم وضع دستور جديد أولا، وفي هذه الحالة يبرز السؤال البديهي مرة أخرى: أين المجالس التي ستناقش بنود هذا الدستور؟
وهل يرضى العلمانيون باعتماد النقابات كبديل لمجحلسي الشعب والشورى في مراقبة الحاكم، ووضع الدستور الجديد؟
ثم السؤال الذي يحيرني هو: لماذا يثق العلمانيون في قدرة الشعب المصري على انتخاب رئيس، ولا يثقون في قدرتهم على انتخاب ممثلين عن دوائرهم في مجلس الشعب؟!!.. هل الاختيار الأصغر أسهل من الاختيار الأكبر؟
فهل السبب أن الإخوان أعلنوا أنهم لن يترشحوا للرئاسة؟
هذا الكلام قاله الإخوان باعتبار أن هناك انتخابات نيابية، لكن لو تغير الاتجاه، فمن يدرينا أنهم لن يتقدموا للترشح للرئاسة، وفي هذه الحالة سيصلون إلى الحكم المطلق بدون أي رقابة عليهم من مجلسي الشعب والشورى، مع قدرتهم على تفصيل دستور جديد لمصر كما يشاءون!
فهل هذا هو ما ينادي به العلمانيون؟
أما من ينادون بمجلس رئاسي انتقالي فيه ممثل عسكري، فسيواجهون نفس السؤال: ألن يكون في هذا المجلس عضو عن الإخوان بداهة باعتبارهم أكبر فصيل سياسي في مصر بعد سقوط الحزب الواطي؟
لهذا أقول لمثل هؤلاء: إن الإخوان الذين تفرون منهم فإنهم ملاقونكم في أي اختيار، والأفضل لكم ولنا جميعا في هذه المرحلة الانتقالية أن نوزع الحصة في مجلس الشعب بين طوائف المجتمع، بدلا من أن نسلم التركة كلها لرئيس واحد يمثل اتجاها واحدا، أو لمجلس رئاسي يمثل فئات قليلة، وندخل في متاهات.
أما من يقولون إنهم يحتاجون إلى فترة لتنظيم صفوف الأحزاب فأرد عليهم بهذه النقاط البسيطة:
-  ليست مشكلة ألا تدخلوا مجلس الشعب الآن.. خيرها في غيرها!.. هذه ليست آخر انتخابات في مصر.. نظموا صفوفكم استعدادا للانتخابات التالية.
-  الأحزاب الموجودة تحتاج إلى عدة سنوات وليس عدة أشهر لكي تنظم نفسها في الشارع وتنشر فكرها، إن كان هناك أصلا من هو على استعداد ليسمع خطابات بائدة عن الشيوعية والاشتراكية والناصرية والوفد وسعد سعد يحيا سعد.. صباح الخير يا كتاكيت.. نحن في القرن الحادي والعشرين، والليبرالية والرأسمالية نفسهما تنهاران الآن في الغرب كما نرى!
-  إن كانت هذه الأحزاب تكفيها سنة واحدة لتنظيم صفوفها كما تدعي، فالتعديلات الدستورية تضمن لها هذه السنة المؤقتة، لأن الفترة الانتقالية ستكون ستة أشهر، وبعد انتخاب المجالس النيابية سيتم وضع دستور جديد في خلال ستة أشهر أخرى، وهذا معناه إعادة انتخاب الرئيس وهذه المجالس مرة أخرى وفقا للدستور الجديد، وبالتالي تكون هذه الأحزاب جاهزة فعليا للانتخابات الجديدة.
أرجو من الجميع التصويت بنعم على التعديلات، والتمسك بإجراء الانتخابات النيابية أولا، وعدم السماح لأي فئة مغرضة بتفصيل مصر الجديدة على مقاسها.. ثم بعد أن نعبر هذه المرحلة الانتقالية، لا مانع أن نعيد طرح كل المسلمات للنقاش من جديد، وأنا أساسا أتحفظ على النظرية الديمقراطية برمتها، وأرى أنها عفا عليها الزمن، بدليل هذه الورطة التي نحن فيها!

محمد حمدي غانم
13/3/2011

هناك تعليقان (2):

  1. شايف ان التعديلات فى مجملها كويس بس الغايظنى المادة بتاعة الجنسية دى بالرغم من انها مكانتش موجودة قبل كدة ما هو الداعى لوضعها الان ذى متكون متفصلة تماما لاقصاء زويل
    لفتح مجال اوسع للمرشح عمرو موسى حبيب النظام السابق الذى يقولها فى كل مكان انة لا داعى لمحاكمة عمو مبارك

    ردحذف
  2. عاطف:
    أنا مقتنع تماما بمادة جنسية المرشح وجنسية زوجته، فقد كان أولاد رؤسائنا السابقين أجانب بسبب جنسيات أمهاتهم!
    كما أنني أقترح إضافة شرط على من يريد الترشح للرئاسة، أن يكون مستقرا في مصر في آخر 10 سنوات على الأقل، فلا يعقل أن يهبط علينا أجانب بالبراشوت ليحكمونا وهم لا يفهمون الألف من كوز الذرة في المجتمع المصري وسلوكه وأخلاقياته ومشاكله وقواه الحاكمة وشبكة المصالح المعقدة بينها.
    كما أني أرى أن عمرو موسى أنسبي المرشحين للفترة الانتقالية التي لن تزيد عن عام، حيث سيسقط حكمه بوضع دستور جديد، وأرى أن أي مرشح بعد هذا يجب ألا يزيد عمره في الرئاسة عن 65 عاما، لهذا يجب أن يكون الحد الأقصى لسن الترشيح 61 عاما.
    كما أن موضوع محاكمة مبارك شائك جدا وقد يدمر البلد، لأنك بالتأكيد تتوقع أن كثيرا من لواءات الجيش ومن هم أعلى منهم كانوا منتفعين من نظامه بل كانوا حماته، وأنه يمتلك ما يدينهم من الوثائق والملفات، وأن كثيرا منهم يمتلكون مليارات كغيرهم!!.. فتح هذا الملف الآن سيدمر المؤسسة الوحيدة الموجودة في مصر الآن، وستنهار الدولة!
    تحياتي

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر