المتابعون للمدونة

الاثنين، 17 يناير 2011

شعــب الإبـــاء

شعــب الإبـــاء

إلى الشعب التونسي الأصيل، وروح الشاعر التونسي الجميل أبي القاسم الشابي

سلامٌ عليكَ أبا القاسمِ الباعثَ الروحَ بين مَواتِ البشَرْ
ويا كاسرَ القيدِ في كلِّ عصرٍ بصوتٍ أصيلٍ أبيٍّ عَطِرْ
من الغيبِ جاءَ َفَدَوَّى بسمعِ الزمانِ فحرّكَ حتى الحَجرْ
وزلزلَ عرشَ الظلامِ ومَزّقَ نافذةً للضِّيا فانتشَرْ
فإنا جميعا نُغنَي وراءَكَ والشمسُ جَوقَتُـنا والقَمَرْ:
إذا الشعبُ يوما أرادَ الحياةَ فلا بدَّ أن يستجيبَ القدَرْ
ولا بدَّ لليلِ أن ينجلي ولا بدَّ للقيدِ أن ينكسِرْ
ومَن لم يُعانقْه شوقُ الحياةِ تبخّرَ في جوِّها واندثرْ
كذلكَ قالتْ ليَ الكائناتُ وحدّثَني رُوحها المستَتِرْ
ودمدمَتِ الريحُ بينَ الفِجاجِ وفوقَ الجبالِ وتحتَ الشَّجَرْ:
إذا ما طَمَحْتَ إلى غايةٍ ركبتَ المُنَى ونَسِيتَ الحَذَرْ
ومَن لا يحبَّ صعودَ الجبالِ يَعِشْ أبدَ الدهرِ بينَ الحُفَرْ
فَعَجّتْ بقلبي دماءُ الشبابِ وضجّت بصدري رياحُ أُخُرْ
وأطرقتُ أُصغِي لقصفِ الرعودِ وعزفِ الرياحِ ووقعِ المطرْ
وقالتْ ليَ الأرضُ لمّا سألتُ أيا أمِّ هلْ تَكرهينَ البَشَرْ؟:
"أباركُ في الناسِ أهلَ الطموحِ ومن يَستلذُّ ركوبَ الخطرْ"
"وألعنُ مَن لا يُماشي الزمانَ ويقنعُ بالعيشِ، عيشِ الحجرْ"
"هو الكونُ حيٌّ يُحبُّ الحياةَ ويحتقرُ المَيْتَ مهما كَـبُرْ"
وقالَ ليَ الغابُ في رقّةٍ محببة مثلَ خفقِ الوتَرْ:
"يجيءُ الشتاءُ ـ شتاءُ الضبابِ شتاءُ الثلوجِ شتاءُ المطرْ"
"فينطفئُ السحرُ سحرُ الغصونِ وسحرُ الزهورِ وسحرُ الثمرْ"
"وسحرُ السماءِ الشجيِّ الوديعِ وسحرُ المروجِ الشهيِّ العَطِرْ"
"وتَهوِي الغصونُ وأوراقُها وأزهارُ عهدِ حبيبٍ نَضِرْ"
"ويَـفنَى الجميعُ كحُلمٍ بديعٍ تألّقَ في مُهجةٍ واندثَرْ"
"وتبقى الغصونُ التي حُمَّلتْ بِذخيرةِ عمرٍ جميلٍ عَبَرْ"
"معانقةً وهْيَ تحتَ الضبابِ وتحتَ الثلوجِ وتحتَ المَدَرْ"
"لِطَيْفِ الحياةِ الذي لا يملُّ وقلبِ الربيعِ الشذّي النَّضِرْ"
"وحالمةً بأغاني الطيورِ وعطرِ الزهورِ وطعمِ المطرْ"
صدقتَ فقد أورقَ الغُصنُ زهرا بجناتِ تُونسَ يَسبي النظرْ
وجاءَ الربيعُ طليقَ الحماسِ وولَّى ظلامُ الشتاءِ الأَشِرْ
لقد رامَ شعبُكَ عزَّ الحياةِ فقامَ وثارَ دَمًا وانتصَرْ
تدفّقَ للحُلمِ ريحَ فداءٍ وبُركانَ حُنْقٍ وسيلا هَدَرْ
وأحرقَ قشَّ الطغاةِ الهشيمَ، وأعظمَ ملحمةٍ قد سَطَرْ
وأشعلَ للخائفينَ الضياءَ وخلّدَ للكبرياءِ الخَبَرْ
هنيئا لتُونسَ شعبَ الإباءِ، فما رَصّعَ التاجَ إلا الدُّرَرْ
محمد حمدي غانم
17/1/2011
---------------
ملحوظة: الأبيات باللون الأزرق هي قصيدة أبي القاسم الشابي كاملة، فهذا أوان عرسها، ويجب أن نتغنى بها جميعا.

هناك تعليقان (2):

  1. حرصت على قافية الراء فجاءت روح واحدة مع الرائعة لأبى القاسم كما أنها وحدها رائعة بإحساسها وحماسها فجاءت كلماتها متألقة فأرفع القبعة

    هاسندا

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر