المتابعون للمدونة

الثلاثاء، 4 يناير 2011

وللناس فيما يشترون مذاهب!

وللناس فيما يشترون مذاهب!

لا أستطيع فهم الكثير من الأشياء في هذا العالم.. رغم أن كل الناس يعتبرونها بديهيات!
مثلا: لا أستطيع أن أفهم لماذا بني لي أهلي شقة جديدة في الدور الرابع وأنفقوا فيها كل تلك النقود، رغم أنني أعيش مع أبي وأمي بمفردنا في شقتين كاملتين، لدرجة أنني أمارس رياضة العدو فعليا وحرفيا داخلهما، وكان المنطقي والطبيعي وما خططت له هو أن أفصل الشقتين وآخذ إحداهما!
كما لا أستطيع أن أفهم لماذا يملأ الناس بيوتهم بالكراكيب المسماة بالأثاث بلا داعي، فيدفعون نقودهم في شرائها، ثم بعد ذلك يلعنون ضيق شققهم وتخبطهم في أثاثهم، لدرجة أن إحدى قريباتي أرسلت سفرتها ونيشها إلى بيت أمها حتى يمكنها العيش في شقتها!.. وأخي كان يتمنى أن يتخلص من الكثير من الكراكيب من شقته ليفسح لأولاده مساحة يلهون فيها، إلا أنه بالطبع لم يفعل لأن هذه عهدة مسجلة عليه في القائمة!!
أنا أكره هذه الكراكيب بجنون، ولا أعرف لماذا يوجد في كل شقة في بيتنا صالون أو أكثر، مع أننا بيت عائلة، ويمكن أن نخصص صالونا عاما للجميع في الدور السفلي، أو ما كانوا يطلقون عليه المندرة!
حينما أقول هذا لأمي يكاد يغشى عليها، ولا أدري لماذا؟!
قد يظن أحد أنني بخيل أو دمياطي أصيل J ، ولكن الحقيقة المؤسفة أن الدمايطة مهووسون بالكراكيب أكثر من غيرهم، فدمياط أشهر مدينة لإنتاج الأثاث في مصر بل وتصدره إلى الخليج وأوروبا!!.. وفي مدينتي بالذات تنهار زيجات كثيرة عند كتب الكتاب، بسبب الاختلاف على تفاصيل تافهة في الأثاث أو القائمة، ويصل الأمر في بعض الحالات إلى وقوع معارك وإصابات ونزول الأهل والأقارب بالمستشفيات أو السجون!!
كل هذا لا أستطيع فهم أي شيء منه على الإطلاق!.. لا أدري هل هذا تدن في مستوى ذكائي أم ماذا L
إذن، لعلي بخيل، حتى ولو لم أكن دمياطيا أصيلا J
الحقيقة هي العكس تماما، فأنا مهووس بالامتلاك بدوري، لكن على طريقة المهندسين.. فأنا أعشق الأجهزة الكهربية وكل ما يجعل حياتي مريحة، لهذا كلما توفر لدي المال أذهب لشراء حاسوب أو طابعة أو شاشة 24 بوصة، وإن شاء الله سأشتري شاشة 48 بوصة أو 56 بوصة في أقرب فرصة لأعلقها على الجدار، فأستمتع بالمشاهدة أكثر، وأوفر مساحة في حجرتي أكبر.. كما قد ركبت تكييفين في المنزل، وإن سكنت يوما الشقة التي بناها أهلي بدون إرادتي، فسأضع فيها تكييفين أو ثلاثة أو أكثر بإذن الله (طبعا بالتدريج)، فمشكلة هذه الشقة أنها في الدور الأخير، وبها 4 غرف بخلاف الصالة والمطبخ، وأنا أمقت الحر والرطوبة بجنون.
إذن فأنا لست (موفرا) أو زاهدا كما يبدو لمن يراني أتهم الآخرين (بالاستهلاك).. لكني فقط أشتري ما يجعل حياتي أيسر، وعلى حسب حاجتي وترتيب أولوياتي، وحينما يتوفر معي ثمنه.. أنا لا أحرّم زينة الله والطيبات من الرزق.. أنا فقط أضع كل شيء في حجمه وموضعه.. فلماذا يبدو هذا جنونا للآخرين؟.. لا أدري!
ربما لهذا يحلو لي أن أخبر أي فتاة تعجبني أنني لا أملك شيئا لتقديمه لها، فكل ما عاشت حياتها تحلم بامتلاكه لن أشتريه.. على الأقل أنا بهذا القول أختبر رد فعلها ومدى تمسكها بي، وهل أنا أهم في نظهرها أم بعض قطع الأثاث غير الضرورية.. هذا بالطبع رغم أن أهلي سيشترون هذه الكراكيب كرها ويفرضونها عليّ، وهو ما يسبب تمردا دائما مني عليهم، ويسبب رفضهم لأي فتاة مجنونة تتوافق معي!
وأذكر أنني مرة دعوت فتاة وأهلها لزيارتنا، وذهبت أصلي أنا وأبوها، فعدت لأجد أمي قد قامت مع الفتاة وأمها بجولة سياحية في شقتي أخويّ لتعرفهما على نوعية الكراكيب التي يجب أن أعيش بينها أنا أيضا!.. وقد قلت للفتاة متضايقا:
-       انسي كل ما رأيتِه في هاتين الشقتين.
فقالت لي:
-       الأثاث جميل، لكنه (مكركب)!
وأخبرتني أنها مثلي تعشق المساحات الواسعة، وتمنت لو فتحنا كل حجرات الشقة معا لتصير ملعبا!.. ساعتها فرحت جدا، فقد عرفت أنها مصابة بنفس جنوني.
طبعا بعد هذه الزيارة فشل الموضوع تماما، وإلى الآن لم أفهم ما الذي حدث بين أمي وأمها جعلهما تبدآن حرب الحماوات مبكرا جدا!!
(لعل من يسألونني دائما عن سبب إضرابي عن الزواج، يفهمون الآن أنني مضرب عن المجتمع، لا عن الزواج!)
طبعا، في ختام كل هذه الثرثرة، يجب أن أطلق دعوة أو صرخة لتغيير ثقافة المجتمع، وأناشد السادة المسئولين بأشياء كبيرة (لا أعرف ما هي حاليا)، وما إلى ذلك J.
فما أراه جليا هو أن الزواج صار معقدا جدا وباهظ التكاليف بالنسبة لشباب لا يحصلون على فرص عمل تناسب مؤهلاتهم، لكن أهاليهم يصرون على شراء صالون وأنتريه وسفرة لاستقبال الوزراء وعلية القوم في شققهم، ونيش يحتوي على مئات الفنجاين لتأمين مستقبل الأولاد والأحفاد من هذه التحف الثمينة، إضافة إلى حجرة الأطفال وسرير حمادة الذي لا يعرف أحد متى سيشرف سعادته، ولن يمكنه أن ينام في سرير مستقل قبل سنوات طويلة.
وكل هذه التكاليف المبدئية الإلزامية التي تعقد بداية الزواج، ليست لشيء إلا لكي يتفاخر الأهل أمام أقاربهم، ويقولوا إنهم زوجوا ابنهم أو بنتهم زيجة مشرفة، تليق بمركزهم الاجتماعي (ونسوا كلهم أنهم أبناء فلاحين وصيادين وحرفيين، قبل أن تمسخهم الثورة إلى ما هم عليه الآن!!)
فمتى في نظركم يمكن أن يتوقف هذا السفه؟
هل نحتاج إلى كارثة ومجاعة لكي يصير الناس أكثر واقعية وعقلانية؟.. أم أن هذا أيضا لا يكفي؟
أستأذنكم الآن، لكي أضع ميزانية شراء شاشة 48 بوصة.. تحفة.. تحفة J

محمد حمدي غانم
4/1/2011



هناك 8 تعليقات:

  1. نفس المشكلة عندك التى تتهم بها الآخرين فأنت أيضا تشترى أشياء (أنت تحبها) ولكن تستطيع الإستغناء عنها ولكن تقول أنها توفر حياة أفضل هذا أيضا ما يقوله الآخرون أن ما يشترونه والذى تسميه أيضا كرايب يوفر لهم حياة أفضل أنا أيضا مجنونة ولكن من نوع آخر فأنا لا أحب الأجهزة الكهربيه وأتمنى أن أعيش ولو لقترة حياة بدائية لا تسيطر عيها التكنولوجيا
    جنونى أننى أفضل شراء بعض الكتب حتى لو كانت تافهه من وجهه نظر الآخريين على شراء بعض الأغراض حتى الشخصية منها هذا أيضا مسار خلاف بينى وبين الآخرين
    إذا فكل له معتقداته على الآخريت إحترامها
    هاسندا

    ردحذف
  2. يمكنني احترام اختيارات الآخرين، إن كانت اختياراتهم حقا، وليست مفروضة عليهم كأعراف متخلفة لا تتسق مع الدين ولا العقل ولا الاقتصاد.
    إننا نتصرف في هذا البلد كأننا شعب منتج يكافئ نفسه على علمه وعمله وتفوقه بالرفاهية، ولا شيء من كل هذا حقيقي، فقد تفوق علينا حتى الوثنيون من عبدة البقر والحجر!
    وكل هذه الكراكيب الاستهلاكية تستورد من الخارج، ليست السلع الكهربية فحسب، بل والأثاث أيضا، فمصر ليست دولة غابات، وكل هذه الأخشاب نستوردها من الخارج.. والسؤال: إلى متى يمكن أن يتحمل اقتصادنا هذا السفه، ومجتمعنا كل هذه البطالة والعنوسة والفواحش؟
    تحياتي

    ردحذف
  3. ههههههههههههههههههههههههههههه
    مقال رائع بل مجنون >>>>>>>>>> لاتزعل
    والله كلامك انه صح وائيده مئه بالمئه وانا مجنونه زيك بالاجهزه الالكترونيه وانصحك تشتري بلاك بيري افضل من الشاشه

    ردحذف
  4. رقيقة بطبعي:
    عشقي للأجهزة الكهربية عشق عملي.. الشاشة بالنسبة لي معرض كتاب، وسينما ومدينة ملاهي وصحيفة ومؤتمر شعبي والمكتب الذي أعمل فيه أيضا وغير ذلك من الأشياء التي توفرها تقنيات الحاسوب والإنترنت.. لهذا حينما أشتري شاشة أكبر فأنا أسعى إلى توفير راحة بصرية أكبر تتيح لي الابتعاد لأكبر مسافة ممكنة عن الشاشة لإراحة بصري، فليس الأمر متعلقا بلذة الامتلاك، بل بالفائدة العائدة من الامتلاك.. ولهذا لست ميالا لتبع أنواع الهواتف المحمولة.. أنا أظل أحمل نسف الهاتف إلى أن يضيع أو يتعطل.. يهمني فيه فقط أن يقوم بوظيفته الأساسية: الاتصال.
    ربما شيء واحد فقط أرغب في شرائه وأراه تحفة بكل المقاييس، وهو IPad باعتباره وسيلة رائعة للقراءة الرقمية المريحة في أي مكان، مع خفة وزنه وإمكانياته المتنوعة كحاسوب متنقل وهاتف جوال.
    تحياتي

    ردحذف
  5. فيه شي احلى من ipab وهو جالكسي تاب اخف واصغر وفيه خدمات روعه
    جرب خذ معلومات عنه راح يعجبك
    واسعدني التعرف على هالمدونه الاكثر من رائعه ويشرفني المرور عليها

    ردحذف
  6. http://www.youtube.com/watch?v=bA4JBp2fhRI

    هذي معلومات حلوه عن الجهاز والحين نزل الجديد منه راح يطرح بالاسواق او تقريبا انطرح ..تطلبه من امريكا بسعر ارخص من اسوقنا اي خدمات انا حاضره
    وتحياتي لك

    ردحذف
  7. رقيقة بطبعي:
    شكرا للإفادة، ومرحبا بك في مدونتي، وأرجو أن تستمر هذه السعادة لأطول فترة ممكنة قبل أن تصدمك بعض أفكاري الأخرى :)
    بالمناسبة: في تعليقي الأول على هذا الموضوع قلت:
    (وكل هذه الكراكيب الاستهلاكية تستورد من الخارج، ليست السلع الكهربية فحسب، بل والأثاث أيضا، فمصر ليست دولة غابات، وكل هذه الأخشاب نستوردها من الخارج.. والسؤال: إلى متى يمكن أن يتحمل اقتصادنا هذا السفه، ومجتمعنا كل هذه البطالة والعنوسة والفواحش؟)
    كان هذا يوم 7 يناير.. بعدها بأسبوعين ونصف حدثت الثورة، واكتشفنا أن مصر مدينة بترليون جنيه فوائدها الربوية سنويا 100 مليار جنيه!!
    ورغم هذا لم أر أي تغير ملموس في وعي الناس او سلوكهم الاستهلاكي، ولم يتغير أي شيء في رسالة الإعلام!!

    ردحذف
  8. العفو اخوي ..بالعكس افكارك حلوه

    صدقني انا اشوف انه مصر بتطور بس تحتاج وقت انتم احسن من تونس عندكم ناس يملكون عقول حلوه زيك يقدرون يعالجون من الوضع شي بس التطور يحتاج وقت عندكم مصر بخير مادم فيها من هم على شاكلتك
    يبداء نجاح الثوره بااختيار رئيس
    الله يرزقكم رئيس يقدر هالناس اللي يرئسهم ويخاف فيهم الله
    والتغير اللي تتكلم عنه راح يجي وترجع مصر لي عهوده الاولى

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر