المتابعون للمدونة

الخميس، 27 يناير 2011

إنك لا تجني من الشوك العنب

تونس.. دروس وعبر
(4)
إنك لا تجني من الشوك العنب

من وجهة نظري، أن أكبر وأهم درس يجب أن تتعلمه الحكومات مما حدث في تونس، وما يحدث حاليا في الجزائر والأردن ومصر من مظاهرات غضب عارمة، هو أن الإعلام العربي يزرع الشوك، ولا يمكن أن تحصد الحكومات منه العنب، بل ستحصد شوكا وسخطا وعنفا ودما.
فإعلامنا كله، ببرامجه وأغانيه ومسلسلاته وأفلامه، يروج ثقافة استهلاكية شرهة، تعتمد على إثارة الغرائز والتحاسد والرغبة المحمومة في التملك.. وحتى لو حدث خطأ وقدم الإعلام برنامجا هادفا، فإن الفواصل تتخلله لعرض الدعايات، بما في ذلك البرامج الدينية، بل والقنوات الإسلامية نفسها!
والنتيجة أنه لا أحد يشعر بالرضا.. وكما قال أحد الفلاسفة: "الشعور بالظلم، وليس الظلم نفسه، هو ما يحرك ثورات الشعوب".
فكل إنسان فينا اليوم يعيش في رفاهية تجعله أفضل من ملوك ألف ليلة وليلة، وأفقر شاب عاطل يحمل جوالا بإمكانيات أفضل من الحواسيب الشخصية التي كنا نستعملها منذ 15 سنة، وتوفر له أسرته تلفازا وطبقا فضائيا وحاسوبا شخصيا وإنترنت، وربما أيضا ينفق مئات الجنيهات شهريا لقتل نفسه بالسجائر!
ورغم كل هذا، يظل هذا الشاب بمقاييس الثقافة الاستهلاكية محروما ومظلوما وعاجزا عن تحقيق طموحاته، التي في الغالب تدور حول سيارة فارهة، وشقة فخمة، وزوجة تشبه فتيات الإعلانات، ووظيفة لا يفعل فيها شيئا سوى الجلوس على مكتب ببذلة أنيقة والرد على الهواتف!
ومن أبسط نتائج هذا، أن صارت شركات الاتصالات في بلادنا تجني المليارات شهريا، بسبب ثرثرة ملايين المواطنين في الهواتف بالغيبة والنميمة والفحش والغزل، وكل ما لا قيمة له ولا يعود بنفع، بينما الجميع يبكون ويصرخون من التضخم ونقص السيولة، وضيق ذات اليد!!
وأنا بكلامي هذا لا ألقي باللائمة على الشباب وأهاليهم وثقافة المجتمع فحسب، فالمسئول الأول والأكثر جرما، هو الإعلام الحكومي الذي يُعتبر فوضى تدميرية حقيقية لكل القيم والأخلاق، ولا هم له سوى خدمة التجار وأصحاب المصالح ومحاربة الإسلام والعقل.. إعلام تجاهل تماما كل خبراء التربية وعلم النفس والاجتماع، بينما كان من المفروض أن يتولى هؤلاء مسئولية تخطيط الرسالة الإعلامية.
ربما يقول البعض في شماتة: وما المشكلة.. لقد زرعوا الشوك فليحصدوه.. دعه يمزقهم آرابا.
لكني أرى أن ما يحدث في بلادنا حاليا لا يبشر بخير، فطاقة الغضب تصلح للهدم، لكنها لا تصلح للبناء، ودور المثقفين الحقيقي هو تحليل المشكلة وإيضاح منبع الخلل واقتراح العلاج.. أما أن نبتهج بعواصف التغيير، ونغتر بغضب الشباب دون أن نسأل أنفسنا "وماذا بعد؟"، فهذا قد يقودنا إلى أوضاع كارثية أسوأ مما نعيشه بكثير.
ولنسأل أنفسنا: وماذا بعد أن أطاح الشباب التونسي بابن علي؟.. وماذا بعد أن ينظفوا تونس من كل أتباعه؟.. هل سيزيل هذا أسباب الثورة؟
دعونا نفترض أن ملائكة منزّلة من السماء حكمتهم في الفترة المقبلة، فهل ستستطيع إيجاد فرص عمل لكل العاطلين في لمح البصر؟
ربما ستسترد الدولة الأموال المنهوبة، ولكنّ نقل ملكية الشركات من اللصوص إلى الشعب لن يزيد فرص العمل، كما أن تحويل النقود إلى فرص عمل ليس بالأمر الهين، في ظل أوضاع عالمية معقدة، أصعبها منافسة الصين وشرق آسيا، في ظل اتفاقيات تحرير التجارة ومنع القيود الحمائية وفرض الغرب الحصار التقني علينا لضمان تفوق إسرائيل، ناهيكم أصلا عن أن إنشاء المصانع وتخطيط المشاريع يحتاج إلى سنوات ليست بالقصيرة، ستزيد فيها أعداد العاطلين.. فهل سيصبر الشباب الغاضب على الحكومة التالية إلى أن تضع الخطط المحكمة طويلة الأمد وتنفذها؟.. أم أنه سيستمرئ الغضب والثورة والهدم؟
وهل هناك أصلا دولة في العالم نجحت في إنهاء مشكلة البطالة؟

وهل سيرضى المجتمع بتغيير سياسة الدولة في التعليم الكمي، وتحويله إلى تعليم كيفي يخرج العلماء والمبدعين، بينما يتم تأهيل باقي الشباب مبكرا للحرف اليدوية التي تناسب المشاريع العملاقة التي ينبغي أن تتبناها الدولة لتطوير نفسها؟
أم أن الجميع يريدون أن يكونوا إداريين في دولة من ذوي الياقات الزرقاء، كأنهم مواطنو إنجلترا في أوج احتلالها لمعظم بلاد العالم؟!
وهل مشكلة الشباب الحقيقية هي البطالة فعلا؟.. إن معظمهم يعمل في الخدمات والتجارة، لكنه ساخط على وضعه الذي لا يناسب شهادته، أو ساخط على تدني دخله بسبب عجزه عن الزواج.. فالمفارقة أن دخله يتيح له امتلاك الكثير من وسائل الرفاهية، لكنه لا يكفي لتحمل تكاليف الزواج.. هذا وضع عجيب جدا خلقته ثقافة المجتمع الاستهلاكية، فمنذ نصف قرن فقط، كان الزواج أسهل من هذا بكثير، حينما كان الأب يبني لابنه غرفة جديدة في بيته الطيني، ولا يكلفه الزواج إلا ثمن سرير وصوان وبعض الأدوات البسيطة.. الزواج في حد ذاته عملية بسيطة يجب ألا نشترط فيها مبدئيا إلا القدرة على دفع إيجار شقة صغيرة وتوفير الحد الأدنى من الملبس والطعام، وهذا متاح لملايين الشباب، لكن مفاهيمنا الاستهلاكية هي التي عقدت الزواج عليهم، حتى صارت البنت تشيخ في بيت أبيها لأنها لا تجد من يشتري لها أثاثا وأجهزة لن تموت بدونها، ويمكن الحصول عليها بعد هذا بالتدريج في رحلة الكفاح، كما فعل ملايين الأزواج طوال التاريخ.
إن الخلل ليس في حكامنا فقط، ولا في حكوماتنا وحدها.. فالخلل انتشر وتجذّر في مجتمعنا وأنفسنا وأهدافنا، والطريقة الهشة المدللة التي ربانا بها أهلونا، والتي سنربي بها أبناءنا، فقد اختلطت الأولويات، وصارت الأعراف مثل الثعابين التي تلتف حول أعناقنا وتخنقنا، حتى صار خوف الأهل من كلام أناس لا فائدة لهم في الحياة أصلا، أهم وأعظم من خوفهم على أبنائهم وبناتهم من فقدان مستقبلهم وتضييع أعمارهم سدى!
إننا نحتاج إلى إعادة ترتيب أولويات عاجل.. وهذا لا يمكن أن يبدأ من القاع، بل يجب أن تبدأه الحكومات بنفسها عبر تغيير مضمون إعلامها جذريا، وإعادة تخطيط الطريقة التي يربي بها الأجيال الجديدة.. وهذا يجب أن يكون عاجلا، قبل أن يحجز الجميع فيلاتهم على ساحل جدة بجوار زين الهاربين، وتدخل بلادنا في مرحلة الفوضى والمجاعات والتفتت!
إننا نحتاج إلى إعلام تثقيفي تربوي.. لا إعلام دعائي.
إعلام يحض على القناعة وتقليل الاستهلاك والاستفادة إلى أقصى حد من كل منتج لأن هناك حياة نبات أو حيوان أدرت في صناعته إضافة إلى تلويث الماء والهواء أثناء إنتاجه.
إعلام يغير ثقافة المجتمع، ويشجع الشباب على الزواج في شقق صغيرة بغرفة واحدة ومطبخ متواضع وبالحد الأدنى من الأثاث والأجهزة، فهذا أفضل من الانتظار إلى ما لا نهاية.
إعلام يعلم الناس الإنتاج لا الاستهلاك، ويدعوهم إلى الخروج إلى الصحراء لتعميرها (طبعا في ظل مشاريع قومية تخططها الحكومة).. فبقدر ما سنضيف إلى الاقتصاد، بقدر ما سنأخذ منه.
إعلام له علاقة بالواقع، وليس قادما من المريخ، فلا يظل يحارب تعدد الزوجات والزواج المبكر ويدفع الدولة إلى رفع سن الزواج، بينما أكثر من نصف شبابها وفتياتها عاجزون عن الزواج أصلا!!!
إعلام لا يحارب تشغيل الأطفال في دولة لا يعمل شبابها أساسا!
إعلام لا يكرر كالببغاء نفس الكلام المحفوظ عن أهمية تعليم الفتيات، في حين أن من تعلمن منهن لم تحصل إلا على البطالة والعنوسة، بينما الفصوةل مكدسة بأضعاف قدرتها على الاستيعاب على حساب تدني كفاءة التعليم في بلاد تنهار بكل المقاييس!!
باختصار: نحتاج إلى إعلام عاقل غير الإعلام العبيط الحالي، الذي يحفر الفخاخ من تحت عروش حكامنا، ويدمر بلادنا كلها، ولا يخدم إلا مصالح أعدائنا!

ملحوظة:
مع الارتفاع الجنوني في أسعار الذهب بسبب مواصلة الحاج أوباما طبع الورقة أم سنت المسماة الدولار بلا حسيب أو رقيب، لكي ندفع نحن فارق سعرها في كل سلعة يرتفع ثمنها، أقترح على الإخوة الصاغة عمل "ثورة" في صناعة الحُلي، بتقليل عيار الذهب المستخدم فيها، لأن ثقافة المجتمع في شراء الشبكة لن تتغير بسهولة.. وما لم يحدث هذا، فستدفعون آلاف الشباب إلى إحراق أنفسهم في المستقبل القريب، حينما يكتشفون أن عليهم العمل لعام أو أكثر لمجرد شراء دبلة!!
كما أرجو من السيد محكتر الحديد، أن يطرح في الأسواق دبلة حديدية معتبرة، فقريبا لن يختلف سعرها كثيرا عن سعر الدبلة الذهبية منذ عشرين عاما J.

محمد حمدي غانم
27/1/2011

----------------
اقرأ أيضا:

هناك 7 تعليقات:

  1. جزاك الله خيرا والله أوجزت فأنجزت وجمال هذا المقال أنه كان في ليلة جمعة الغضب (ليلة سقوط النظام).

    ردحذف
  2. شكرا لتقديرك أخي الفاضل..
    نحن نؤذن في مالطة منذ سنوات عديدة.. وأخشى أن يظل الحال كما هو عليه رغم قيام الثورة!
    تحياتي

    ردحذف
  3. الشاعر عماد حميده27 سبتمبر 2011 في 2:54 م

    سيدي الفاضل مع احترامي الشديد لما كتبت لكن المشكلة لا تقتصر علينا كشعب مصري .. لكننا كعرب تحولنا الى دول مستهلكة .. وجاءت الثورة وارتفع شأن من ارتفع وانحدر الحال بمن انحدر .. نحن شعب لا يمكن السيطرة عليه لو اعطيته الفرصة ليفعل ما يريد .. فنحن فراعنة استاذ محمد غانم لا تنسى نحن من سلالة بطبعها متجبرة .. واتمنى ان يصلح الله حال هذا البلد لأنه لا يوجد سواه سبحانه قادر على اصلاح هذا البلد لأمين بإذن الله .. الشاعر عماد حميده

    ردحذف
  4. مرحبا بك أخي الفاضل:
    من قال إن التغيير سهل.. المهم ألا نتوقف عن المحاولة.
    ندعو الله أن يصلح الأحوال.
    تحياتي

    ردحذف
  5. الاخ الفاضل م/ محمد حمدي غانم
    لطالما تابعت بشغف كتابتك في مختلف المجالات .. في الحاسوب او في السياسة او في الدين وحتى في الأدب .. ولعلي دائما ما كنت اتطلع الى الرد عليك والتواصل معك .. ولكن دائما ما يعوزني حسن الرد او متابعة الموضوع .... اضافة إلى ذلك دخولي المحدود للإنترنت .. المهم فلكل شيء بداية .. اطمح ان اشاركك نقاشاتك التي لا شك أنها غاية في القوة والموضوعية .. فمهما اختلف معك مختلف تجده لا يجد مناصاً من أنك ذو منطق سليم وعقل منظم وسرد موضوعي .. هذا من جانب ومن جانب آخر اختياراتك الحساسة للمواضيع بحيث تثير اهتمام كل من له وعي بما حوله من احداث ويحاول ان يحللها ويفهمها من اصولها ويستنتج مآلاتها ...
    وفي مقالك هذا مثال واضح ...
    دعني في البدء اعرفك على نفسي .. انا عمار عمر من السودان .. طالب في تقنية المعلومات ..
    ورغم بعد الاحداث في تونس او مصر نسبيا عنا .. إلا انها لا تزال – على اقل تقدير - نماذجاً لما يحدث وما يمكن ان يحدث في دولنا المتخلفة .. فهي متشابهة مختلفة .. متشابهة في بنيتها الاساسية وحجم وعمق الأزمة بها .. ومختلفة باختلاف خصائص الدول .. ولكنها لا تخرج من ان تكون مثاراً للنقاش بين كل دول العالم المتخلف لو اعدنا النظر في مجمل مشاكلها وتداعيات تلك المشاكل ...
    فالجهل المدقع المسيطرعلى شعوبنا ... هو الأزمة الكبرى التي لو لم تحل .. لما خرجنا من هذا الواقع المظلم اطلاقاً ..
    ولعله الجهل المقنع .. جهل العالم والمثقف .. فأن تكون العامة جاهلة لهي ازمة كبيرة .. فلكأنك تقود قطيعا من خراف لا تستطيع ان توجهه الا بعصاك ولا ترشده إلا بمنسأك .. اما ان يكون الرعاة الجهلة .. فلا اجد وصفا مناسباً لما يحدث ...
    ولكن دعني اقل لك بصراحة أخي محمد ... صراحة مقالك صادم لدرجة بعيدة ... ولكأنك في اشخاص يتناقشون حول هل خطوط النمر الذي يهاجمهم هي افقية ام راسية .. فإذا بك تجرؤ على ان تخبرهم ان هذه ليست المشكلة وان المشكلة هي ان هناك نمراً يهاجمهم ... ما ظنك بهؤلاء وبك ...
    فعلاً لا أجد ما يقرب بين وجهات النظر المتباعدة تلك .. كثيراً ما أراك في كثير من نقاشاتك .. وكأنك تحاول فقط ان تلطم وجوه مناقشيك ليفيقوا من سباتهم ... ولعلها ليست الطريقة الأمثل .. وكذلك فالحكمة لا تقتضي ذلك ...
    ولعلك تقبل نصحي المتواضع هذا ونقدي البسيط كذلك ... فلقد قبلها عمر من إمرأة .. وقبلها كثيرون ممن هم ارفع ممن هم ادنى ...
    فلقد عانيت انا نفسي من هذه الأزمة .. لمدة طويلة ... كنت دائماً ما أحاول ان اسبر سر المشاكل وعمق ازماتها .. بغض النظر عن الحد الذي ربما وصله مناقشي ... وبالتالي تنعدم جدوى النقاش .. ويصبح مجرد كلام قد يضر بأكثر مما قد ينفع ...
    ولا تنسى نقمة الجهال عليك ... فأنت اذ تسيء بهم .. وهم الاقرب للقلوب الابعد عن العقول ... قادرون على جذب العامة معهم .. فلا أنت نلت ما تبتغي ولا استطعت الرد عليه ....
    هي بصراحة معضلتك ... فأنت المثقف الواعي حقاً ... انتا من يريد الاصلاح ما استطاع ... فلتحلها اذاً .. ولا تندب حظك ولا تنعى قدرك ... اقترب من قرائك .. ارسل لهم رسائل نصحك .. وانر لهم من منارات وعيك ... من غير ان تدعهم لاولئك يتخطفونهم ...
    ولعلك على ثقة على انا كل ما قلته ما كان – والله على ذلك شهيد – إلا بدافع احترام كبير لكم ... وتقدير عظيم لمجهودكم وعملكم وفكركم ... فما لم يرضك منه فهو معتذر عنه من الآن ... وما أخذت فلنا الشرف والفخر ...
    شكراً لكم .. اتطلع للتواصل معك مرة أخرى

    ردحذف
  6. مرحبا أخي الفاضل عمار عمر:
    أعتذر عن تأخري في الرد عليك، فقد كنت مهموما بالأحداث المشتعلة في مصر..
    كعهدي بالإخوة السودانيين، ما زلتم تمتلكون لغة عربية قوية وجميلة.. وما شاء الله أسلوبك ينبئ عن كاتب متميز صاحب فكر منظم، رغم أنك ما زلت طالبا.
    بالنسبة لانتقادك، فليس يغضبني، بل أشكرك عليه..
    لكن أحب أن أشير إلى أنني أكتب منذ سنوات بعيدة، وأن كل قضية أناقشها تأخذ مراحل وأطوارا متعددة وتخرج في صور مختلفة عبر السنين.. فأجزاء أناقشها في رواية، وأخرى في قصة عاطفية أو ساخرة، غير ما أخصص له سلسلة مقالات أو كتاب.. وفوق كل هذا وذاك، أنا لا أبدأ من الصفر، بل أنا أبني على تركة متراكمة من الفكر الغربي والعربي، وكتابات سابقة أكثر عمقا وتفصيلا في هذه القضايا لمن شاء أن يتبحر.
    وغير كل هذا وذاك، أنا هنا لا أخاطب العامة.. أنا هنا أكتب الفصحى لقارئ على الإنترنت.. إن لم يكن أهلا لتحمل الصدمة فمن؟
    وهذا يختلف بالتأكيد عما إن نزلت حملة انتخابية، أو جلست عل مقهى لأحاجج الناس.. فالبتأكيد لكل مقام مقال :).
    ثم: هل ما أقوله هنا أكثر صدمة من انهيار أنظمة الحكم في بلادنا واشتعال الثورات ودخول المجتمع في حالة الفوضى والمجهول، بعد اضطراره لمواجهة كل ما سكت عنه من مشاكله طويلا؟
    شكرا لتفاعلك الثري، ويسعدني الحوار معك دائما.
    تحياتي

    ردحذف
  7. الاخ الفاضل م. محمد حمدي غانم
    لا أجدني اسعد من أن وجدت ردك مسطراً .. وقد حمل في سطوره اطراءاً لي فهو وسام اعتز به .. واني لشاكر لسعة صدركم .. وأناة صبركم .. ولعلي وبعد ان قرأت ردك .. وراجعت ما كتبت انا من رد .. وجدتني قد تناسيت أنني شخصياً قد صدمت من بعض الآراء التي تناولتها .. ولكنها بدت لي معقولة ومنطقية .. فأعجزني الرد ولم تستكن دواخلي .. فكأني اسقطت ما اعتراني من حال على كل القراء .. متحدثاً بلسان من لا أعرف .. وكان الأجدر بي ان اعلق عن ما اعتراني انا فقط .. واطرح عليك اعتراضاتي تلك فتوضح وجهة نظرك في ما بدا لي أنه عسير التطبيق .. ولقد جاء ردكم على أية حال شافياً كافيافي النقطة التي أثرتهاحول ملائمة المقال للمقام .. فدعني اثبت لك هذه النقطة من حوارناالذي اتمنى ان يتواصل .. في المواضيع القادمة ..
    فاسمح لي بمزيد من سعة صدرك تلك .. ودعني اناقش معك نقطة كنت قد ارتأيتها غريبة بعض الشيء في مقالك .. هي تلك التي تحدثت فيها عن تعليم الفتيات ... أنا متفهم لوجهة نظرك .. ولكني أحسست هنا بأنك تعمدت أن تثير النقطة بشكل جارح يوحي بأنك لا تريد للفتيات أن يتعلمن .. وليس بطريقة أنك تود أن تقول أن الاعلام يتناول هذه القضية كثيراً وبصورة أقرب إلى الفهم الغربي للقضية وليس بفهمنا الاسلامي .. وقد بدا لي أن يمكن ان يفهم من كلامك في هذه النقطة الفهم الذي قد يكون مدخلاً جيداً لناقدي التطرف الاسلامي .. والذين يدعون ان النهج الاسلامي في التفكير هو سر الأزمة و منبع المشكلة .. وهي مشكلة تواجهنا هنا في السودان كثيراً .. وهم قادرون على إيجاد نماذج مقتبسة من كتابات الاسلاميين توضح تلك الآراء .. وهو خطأ تقع فيه جزء من اللائمة علي الاسلاميين .. فلا بد من توضيح وجهات النظر تلك بصورة واضحة حاسمة ..
    أنا اعلم تماماً انكم في مصر تواجهون اوضاعا ربما أكثر صعوبة مما عندنا في السودان .. ولعلي اظن أن قبضة العلمانيين أقوى مما هي عليه عندنا .. فلربما لذلك ظننت أنه يجدر بك أن تكون أكثر وضوحاً ..
    أتمنى أن اكون اثرت نقطة جيدة في النقاش .. ولعلي أكون قد اوضحت وجهة نظري كما أردت .. ومرة أخرى يسعدني كثيراً الحوار والنقاش معك ..

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر