المتابعون للمدونة

الأربعاء، 12 يناير 2011

الشيخ مسعد

الشيخ مسعد

منذ يومين كنت أشتري شيئا فقابلت (مسعد) ابن الشيخ (مسعد شرير) رحمه الله، شيخ الكُتّاب الذي كان يحفظني القرآن الكريم منذ أن كان عمري 7 سنوات ولأربع سنوات بعدها.. وقد أثار هذا اللقاء ذكريات جميلة كثيرة في نفسي، فالشيخ مسعد رحمه الله كان مرحا طيب القلب، وهذا اتضح لنا أكثر بعدما اشترك معه الشيخ أبو زيد رحمه الله في تحفظينا، فقد كان الشيخ أبو زيد مشهورا بالضرب بالخرطوم، ولا يعرف الهزار في هذا J
ورغم أنني لم أكن تلميذا منضبطا ـ فقد كنت أتغيب كثيرا في الإجازات، بسبب سهري لمشاهدة الأفلام ليلا، ولعبي كرة القدم عصرا، مما أدى إلى عدم تجاوزي لسورة "المؤمنون" وعدم ختمي للقرآن الكريم كاملا ـ رغم كل هذا كان للقرآن الكريم أبلغ الأثر في تنمية سليقة اللغة العربية لدي، وهذا أول وأهم سبب في تفوقي الدراسي، فلم يكن يقف بيني وبين كتب المدرسة عائق اللغة، وهذا واضح تماما في كل أصدقائي الذين كانوا معي في الكتّاب، فبقدر تفوقهم في حفظ القرآن الكريم، جاء تفوقهم في اللغة العربية وباقي المواد الدراسية.. وعلى سبيل المثال لا الحصر: كان من بين من ختموا القرآن الكريم كاملا د. عبد الهادي مسرة وهو صيدلي الآن، و د. محمد عطية شرير وهو طبيب حاصل على الدكتوراه ويعمل أستاذا في كلية الطب الآن، وغيرهما كثيرون.
كما أن حصولي على الجوائز التشجيعية في مسابقات القرآن الكريم، نمّى لديّ مبكرا الإحساس بالتنافس ولذة التفوق.. ولدي حاليا كومة من شهادات التقدير والجوائز في مجالات مختلفة، كالتفوق الدراسي والأعمال الأدبية.. بل حصلت مرة على ميداليتين في العدو حينما كنت رشيقا في المرحلة الثانوية J.. (في الحقيقة كنت نحيفا وليس مجرد رشيق، وكنت مصابا بالأنيميا في طفولتي بسبب مقاطعتي للألبان واللحوم ومعظم أنواع الخضار، لدرجة أنني كنت مشهورا بإدمان وجبة واحدة هي العيش والجبن!.. لكن سامحه الله الحاسوب، فمنذ أن جلست أمامه، ووزني يتضاعف بصورة أسّية، على حساب باقي نشاطاتي وهواياتي L)
أما أهم تأثير لحفظ القرآن الكريم، فهو حمايتي من الانحراف بتأثير التلفاز والمدرسة والشارع، فقد كنت في وسط قبيح للغاية، ومصطلح "براءة الأطفال" يبدو لي أسطورة لا يمكن أن تنطبق بحال على الأطفال الذين فرضتهم عليّ المدرسة منذ الصف الأول الابتدائي.. ولولا القرآن الكريم، لما عرفت الفارق بين الحلال والحرام والراقي والمبتذل والجميل والقبيح، لأن أهلي لم ينتبهوا إلى مدى انحطاط هذا الوسط المدرسي إلا متأخرا وأنا في الصف الخامس الابتدائي، فلم يكن يجول في أذهانهم أن أطفالا في هذه السن يمكن أن يفكروا ويتكلموا ويتصرفوا كهذا، فنحن أول جيل يسمم طفولته التلفاز بعد انتشاره في البيوت في السبعينيات، ولم يكن آباؤنا يتخيلون كيف يمكن أن يؤثر هذا علينا.
لكل هذا أعتبر أن أكبر فضل لأهلي عليّ هو اهتمامهم بتحفيظي القرآن الكريم، فلو حذفته من طفولتي، لما تبقي مني أي شيء!
وصدق من قال:
"من أراد الدنيا فعليه بالقرآن، ومن أراد الآخرة فعليه بالقرآن، ومن أرادهما معا فعليه بالقرآن"
رحم الله الشيخ مسعد، ورفع قدره في الآخرة بكل آية حفّظها لنا.


صورة تذكارية وأنا أقرأ القرآن الكريم في حفل تكريم أقامته المدرسة لفريق أوائل الطلبة بمناسبة حصولنا على المركز الأول على محافظة دمياط في الصف السادس الابتدائي عام 1989.. كنت في هذا الفريق مع آخرين، على رأسهم د. مأمون عثمان، و م. عبد القادر مراد. 
من المؤسف أن هذه المدرسة تحولت مؤخرا إلى مدرسة تجريبية نموذجية تدرس المناهج باللغة الإنجليزية.. هذا يجعلني آخر شاعر يخرج من هذه المدرسة L

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر