المتابعون للمدونة

السبت، 11 ديسمبر 2010

مساوئ الديمقراطية

مساوئ الديمقراطية
التمثيل النقابي، بدلا من التمثيل النيابي

هذا جزء من حوار دار بين محمد سعيد وهبة، في رواية لي باسم العالم الآخر، وهي الرواية السادسة في سلسلة رفاق الخطر، وهي سلسلة من مغامرات الخيال العلمي، لكنها تحمل بعدا فكريا أيضا.. محمد سعيد هو ضابط شرطة، ولكنه كان يملك حرية كبيرة في قول ما يريده في هذه الرواية، لأن وهبة كانا موجودين في "عالم آخر" ليست فيه حوائط لكي تكون لها آذان!!
***
قال محمد سعيد:
-  أمّا بخصوص الانتخابات، فأنا حتما ضد تزويرها، لكنّ هذا ليس ما يحنقني فيها.
سألته هبة:
- إذن ما؟
- الانتخابات نفسها!
- ..........؟؟
- ما يحنقني هو أن حكوماتنا حتّى منذ ما قبل الثورة وإلى الآن لم تقتنع يوما قطّ بفكرة الديمقراطية نفسها ـ ولا ألومهم في هذا.. لكنّ ما ألومهم فيه هو عجزهم عن إعلان هذا صراحة أمام الغرب، خشية اتهامهم بالتخلف والظلم والدكتاتورية، وهم متهمون بها على كلّ حال!.. لعبة سخيفة للغاية أن يعلنوا أن الانتخابات نزيهة، ثم يزوروها.. الشعب الذي يتعرض للإهانة أمام صناديق الانتخاب يعرف أنها مزورة، والسفارات الغربية التي تتابع الانتخابات وتكتب تقاريرها تعرف أنها مزورة.. ما يحيرني حقا هو: من الذي يخدعونه ولمصلحة من إذن يواصلون هذه المسرحية الهزلية؟.. إنّهم لا يفعلون سوى إثارة سخط الناس عليهم: يُمَنّونهم ويُخلِفونهم.. لقد عاشت شعوبنا قرونا طويلة في نظم حكم وراثية وأظنهم كانوا أكثر رضا عنها من تلك النظم الممسوخة الموجودة الآن!!
- مهلا مهلا.. هل يعني هذا أنك من مؤيدي نظرية المستبد العادل في الحكم؟.. هل أنت ناصري؟
- لا هذا ولا ذاك.. ألا يمكن أن يكون هناك حل وسط؟
- لكل شيء حل.. لكن علينا أولا أن نتفق على المشكلة.
- المشكلة في نظام الحكم الديمقراطي كما يسمونه.. إنني أراه نفاية نظم الحكم!
- هل يعني هذا أنّك مع تزوير الانتخابات؟
- مُثلي وقِيَمي ضد كلّ تزييف وتزوير.. لكن إن شئت أقل الضررين: لأَن تجبرني الحكومة على ما تريده، خير لي من أن تجبرني الغالبية المُسيّرة على ما لا أريده!
-   [ضاحكة] معذرة.. لولا ثقتي بأنك تختلف عن هذا، لظننتك تأثرت بالدعاية الموجهة، التي لا ريب يُخضعون لها طلبة كلية الشرطة، لإقناعهم بالوسائل القبيحة التي يستخدمها الطغاة في إخضاع الشعوب!
- لا ألومك قطعا.. لكن لو سمعتِ مبرراتي فربما تغير رأيك.
- كلي آذان مصغية.
- أوّل وأخطر مشكلة في فكرة الديمقراطية هي أنها تعتمد على الكمّ وليس الكيف، فالجاهل فيها يتساوى بالعالِم، والصغير يتساوى بالكبير، والغرير يتساوى بالخبير أمام صناديق الانتخاب، وبالتالي تضمن الديمقراطية بكفاءة تهميش الفقهاء والعلماء والخبراء والمثقفين والمفكرين والمبدعين، ليصبح الزمام فقط في يد من يقود القاعدة العريضة ـ الأكثرية المغيّبة عقليا ـ التي تحركها غرائزها ومصالحها الشخصية!.. وليس أدلّ على ما أقول، من رعب المثقفين "الديمقراطيين" في بلادنا من اكتساح التيار الديني للانتخابات النيابية، وهو الأمر الذي يسبب لهم الهلع.. تعرفين أنهم يسمّون عِقد السبعينيات في (مصر) "عصر الرِّدة"، لأن (السادات) تساهل قليلا مع التيارات الإسلامية فغيرت وجه المجتمع في سنوات قليلة!
وابتسم بسخرية واستطرد:
- لو شئتِ رأيي، أظنّ أن فكرة قطع أيدي اللصوص ورجم الزناة في نظام الحكم الإسلامي تسبب لهؤلاء المثقفين المزعومين أرقا مفزعا!!.. لهذا فإنهم أوّل رافض لتطبيق الديمقراطية في بلادنا، لأنهم يعرفون جيدا أن أوّل انتخابات نزيهة تحدث ستوصل التيارات الإسلامية إلى الحكم!
- أتفق معك في هذه النقطة.. أقرأ لهم دائما يقولون إنّه لا يمكن تطبيق الديمقراطية قبل تثقيف الشعب وما إلى ذلك.
- بالضبط.. هذا هو مفصل الموضوع.. إن كانت الديمقراطية تعني حكم الجماهير، أفليس هذا هو رأي الجماهير التي يريدون الاحتكام إليها؟.. فها هي الجماهير قادرة على تهميش آراء كلّ المثقفين بضربة واحدة ـ مع تحفظي على هؤلاء المثقفين أصلا!.. فلماذا إذن يرفضون مثل هذه الديمقراطية؟.. هم يريدون أن يفرضوا فهمهم على مَن يَرَونَهم لا يفهمون، لكنهم أجبن من أن يعلنوا أن نظام الديمقراطية الغربي هو أغبى نظام بشرى عبر التاريخ كلّه، وبدلا من هذا يتذرّعون بكلام مُلتوٍ عن تثقيف الشعب وتغيير وعيه وما إلى ذلك.. يعني باختصار: لن يمنحوه الديمقراطية إلا حينما يضمنون أنه متفق معهم في أفكارهم، لهذا يعملون على فرضها عليه أولا عبر التلفاز والتعليم والصحف والأدب والفكر!
فكرت (هبة) لحظة قبل أن تهمهم:
- أعترف لك أنني لم أفكر في الأمر بهذه الطريقة من قبل، لكن أجد كلامك متفقا مع قوله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ).
- بالضبط.. هذا ما يقوله سبحانه، بينما الديمقراطية الغربية تقول: "الكل سواء أمام صناديق الانتخاب!".. لهذا يؤكد الإسلام على مبدأ الشورى في الحكم، والشورى لا تكون إلا بين الأعلم والأحكم، بينما تدعي الديمقراطية أن الكل سواسية في الرأي والاختيار، وهذا وإن كان ظاهره العدل والمساواة، فإن باطنه الظلم والخراب.. ظلم الأعلم بحرمانه من حقّ التميز بعلمه واجتهاده، وظلم الأقل علما بحرمانه من أن يختار له الأعلم ما يناسبه ويحقق مصلحته!
- يا إلهي.. هذا صحيح ومخيف في آن واحد!
***
 قال (محمد):
- لاحظي أنك بقليل من التأمل لن تجدي فرقا جوهريا بين فكرة الاشتراكية وفكرة الديمقراطية.. كلاهما يعتمد على تحطيم ـ بدلا من تحكيم ـ الفروق الفردية بين البشر.. الأولى تقوم على فكرة مساواة الناس في الثروة والامتلاك فضمنت بذلك التخلص من أصحاب الثروات والنفوذ الاقتصادي، والثانية تقوم على فكرة مساواة الناس أمام صناديق الانتخاب، فضمنت بذلك التخلص من نفوذ أصحاب العلم والفكر والخبرة والرأي!.. وفي كلتا الحالتين تئول السيطرة الفعلية إلى مَن يمسكون بزمام الاقتصاد والإعلام والجيش وصناعة القرار، بينما يتم تحطيم الحوافز الفردية للإبداع والتميز لدى الأفراد!
تفكرت (هبة) في هذا قبل أن تقول بإعجاب:
- معك حقّ في هذا أيضا.. لعل هذا ما أدى إليه التعليم المجاني والقطاع العام في بلادنا.. حالة عامة من الخمول والروتينية والبلادة من أصغر غفير إلى أكبر وزير!
- هذا صحيح.
- لكن.. اعذرني.. ما زلت لا أرى الديمقراطية بهذا السوء وإن عابها ما ذكرت!
- إنني لم أصل إلى زبدة الموضوع بعد.. هناك كارثة أخرى في فكرة الديمقراطية: فبأيّ عقل وأي فهم نؤلف مجلسا للنواب من فئات مختلفة، ثم نجعلهم يفتون في كلّ القوانين؟.. بأيّ حقّ وأيّ عقل وأيّ منطق يوافق مهندس أو يعترض على قانون يخص الاقتصاد؟.. وبأيّ حقّ وأيّ عقل وأيّ منطق يوافق فلاح أو يعترض على قانون يخص الجامعات؟.. وبأيّ حقّ وأيّ عقل وأيّ منطق يوافق عامل أو يعترض على قانون يخص السياسة الخارجية؟.. وبأيّ حقّ وأيّ عقل وأيّ منطق يوافق سياسيّ أو يعترض على قانون يخص الأحوال الشخصية؟.. ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إذا ضُيّعت الأمانة فانتظر الساعة).
أكملت له (هبة) مشدوهة:
- يا إلهي.. ولقد فسر صلى الله عليه وسلم إضاعتها بقوله (إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة).. هل تعني...؟
- أجل... لقد بدأت أوقن أن هذا الحديث ينطبق خصوصا على تلك المجالس النيابية، فالأمر أخطر من خطأ فردي في تعيين شخص في غير موضعه، بل هو هنا دستور وقانون ومنهج لإسناد الأمور إلى غير أهلها!
 عقدت (هبة) حاجبيها مفكرة، قبل أن تغمغم:
- لكن القوانين تناقشها لجان مختصة ثم تطرح للنقاش بين النواب و....؟
- وماذا؟.. إن كانت هناك لجان مختصة فلماذا لا تبتّ هي في الأمر مباشرة؟
- لكن النائب يمثل دائرته، وهو قادر على استطلاع رأي الناس في القوانين قبل أن تطرح.
- وهل يفعل؟.. في أيّ دولة في العالم؟.. وإن فعل، فكم شخصا سيناقش من دائرته؟.. وما مدى درايتهم بموضوع النقاش؟!.. وإن لم يفعل، فهل تلزمه القوانين بالرجوع إلى أهل دائرته، أم تطلق له الحق الديكتاتوري في اتخاذ القرار نيابة عنهم؟.. ما معنى أن يسألوني عن رأيي في أحد الأشخاص كلّ بضعة أعوام ثم لا يكون لي رأي حقيقي بعد ذلك في أيّ قانون يمس حياتي؟.. الأدهى أنني لا أثق أن من يصدر هذه القوانين أناس مختصون ثقات، بل مجموعة من الممثلين.. عجبا: إنهم يسمونهم (ممثلين) فعلا.. ممثلين عن الشعب وعلى الشعب!!!.. يا (هبة): لقد فكّرت في هذا الأمر طويلا ومن جميع أوجهه، وأعرف من خفاياه بحكم عملي وصلاتي بزملائي في قطاعات الشرطة الأخرى ما لا تتخيلينه.. ولقد وصلت إلى يقين لا يقبل الشك أنها مجرد مسرحية هزلية لخداع الشعوب.. ليس لدينا فقط، بل في كلّ مكان بالعالم!
- كلامك يحمل منطقا قويا، ولكنه مخيف.. لا يحلم الطغاة بأفضل مما تقول!
- إذن فهل ترين حقا أن هذه الديمقراطية هي الحل؟.. هل حقا تؤمنين أنك بعد كلّ ما ملكتِ من ثقافة، يمكن أن يتساوى رأيك في اختيار رئيس مسئول عن مصيرك ومصير الجميع، برأي عيل عابث جاهل أمّيّ غرير عمره 18 سنة له حقّ التصويت في الانتخابات؟!.. ثم أخبريني بربّك: كيف يختار كل هؤلاء الملايين من البشر رجلا لم يتعاملوا معه وجها لوجه، وليس لديهم عنه سوى الانطباعات التي ينقلها إليهم رأس المال: الصحف، التلفاز، والمطبوعات الدعائية وغيرها، ومعروف طبعا دخل المال والمصالح في هذا الأمر؟
- كلامك منطقي لكن.. لا أدري.. ما زلت لا أجد بديلا أفضل من ذلك!
- هذه هي أكبر نكتة في الموضوع، فالبديل كان لدينا وكان موجودا طوال التاريخ، لكن الغرب كالعادة متسلط لدرجة احتقار كلّ خبرات الآخرين وتدميرها!
- [بدهشة] وكيف ذلك؟
- عبر التاريخ، كان لكل حرفة شيخها، ولكلّ عائلة كبيرها، وكان بيد هؤلاء رعاية مصالح التابعين لهم، ووضع الأعراف التي تحمي مصالحهم، والتظلم لدى القضاة والحاكم لو جار عليها أحد، ولو كان الحاكم نفسه.. هذا قبل أن تدمر الدولة الغربية الحديثة كلّ سلطة عدا سلطتها، وتضع مسرحية الانتخابات والمجالس النيابية عوضا عنها!
- إم.. هذا حقيقي فعلا.. لكن بظنّي لا يمكن العودة إليه في عصرنا.
- فماذا لو طورنا الفكرة؟
- كيف؟
- بتفعيل دور النقابات، باعتبارها البديل العصري المنطقي لشيوخ الحرف.. وأنت تعرفين أن رؤساء النقابات يختارون بالانتخابات.
- أعرف، وأتساءل!
- انتخابات النقابة تختلف جذريا عن الانتخابات العامة، في كونها تساوي في الرأي بين من هم أهل للتساوي في ذلك.. من الذي يختار رئيسا لنقابة المعلمين؟
- المعلمون.
- من الذي يختار رئيسا لنقابة المهندسين؟
- المهندسون.
- من الذي يختار رئيسا لنقابة العمال؟
- العمال.
- إذن على الجملة: من الذي يختار رئيسا لأي نقابة أيا كان تخصصها؟
- أعضاء النقابة ذاتها.
- أَي: المختصون!.. هذا يعني أنهم أَكْفَاء أنداد لأن يتساوَوا في الرأي أمام صناديق الانتخاب، ولو عند الحد الأدنى.. وهذا يختلف كلية عن أن يقف أستاذ الجامعة بجوار مدرس المرحلة الابتدائية بجوار شاب أمّيّ بجوار عامل، ليتساوى كلّ منهم في الرأي عند اختيار شخص لا يعرفونه أصلا!!
- لا يسعني إلا أن أقول: هذا صحيح تماما.
- ماذا إذن لو ناقشَت كلّ نقابة القوانين الخاصة بالفئة المنتمية إليها؟.. أليس هذا أكثر تخصصا ومنطقية وإفادة؟.. خصوصا أن كلّ مَن بالنقابة يفهم في شئون اختصاصها، وبالتالي فمن المنطقي أن يتساوى أعضاؤها أمام صناديق انتخابها، وأن يصوّت أعضاؤها المنتخبون على قوانينها فهي في الأساس تناقش مهنتهم.. ثم بعد ذلك ترفع القوانين للأزهر للنظر في موافقتها للشرع، ثم تعرض على المسئولين للنظر في تطبيقها.
فكرت وهلة قبل أن تقول بحماس:
- فكرة جميلة.. وبقليل من التعميم لفكرتك يمكن أن يُمنح الناس حقّ الاختيار كلّ في نطاق اختصاصه.. صاحب الحرفة أو المهنة في نقابته يختار من يرأسه، ويدلي بدلوه في تشريعاتها التي تمسه، والفلاح في قريته يختار العمدة وإدارة المحليات، والموظف في إدارته، والأستاذ في جامعته، والصحفيّ في صحيفته وهكذا.
- بالضبط.. وبهذا لا يضطر أحد إلى اختيار شيء يخرج عن دائرة علمه وفهمه وتعامله، ولا يختلط الحابل بالنابل، أو يتساوى الصغير بالكبير والجاهل بالعِالم والغرير بالخبير!

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم ورحمة الله

    أراء منطقية وسديدة.
    ولكن يمكن أيضا التشكيك في فكرة النقابات بنفس المبدأ. فأعضاء كل نقابة من المستحيل أن يكونوا علي نفس المستوي من الكفاءة العقلية والثقافية والخبرة العملية والتي تعد أهم عنصر.

    بجانب ملحوظة مهمة لو جعلنا لكل نقابة الحق صياغة القوانين التي تخصها ، بالمنطق سوف تبحث كل منهم علي صياغة ما يحقق لهم أكثر المكاسب بصرف النظر عن أثار ذلك علي الدولة أو علي باقي الشعب. لأننا نتعامل مع بشر وليس ملائكة. فسوف نجد أننا قسمنا المجتمع وخلقنا تميز عنصري جديد بناء علي الوظيفة والعلم.

    أولاً .. أنا ضد التميز بناء علي العلم أو الثقافة. لسبب بسيط لأن ذلك لا يعني أن أعطي المتعلم الحق في القيادة أو الدفاع عن مصالحه وصياغة المفيد له. لأن الطبيعة البشرية تحكم علي كل إنسان أن يبحث فقط عن تحقيق مصالحة. فأستاذ الجامعة يريد أن يمتلك سيارة وشليه في الساحل الشمالي وراتب مجزي يجعله يلبس أفضل البدل ويحيا في رفاهية. وبالتالي لو ميزته في صنع القرار سوف يسعي بالتأكيد لتحقيق ذلك لنفسه حتي لو علي حساب الفقراء.

    وفي نفس الوقت ليس من حقي أن أعاقب إنسان لمجرد انه ولد علي الرصيف لأب وأم سفهاء ولم يتعلم وصارع الحياة لكي يعيش. فهو لم يكن يمانع أن يولد في قصر أو حتي شقة لأسرة متوسطة تهتم به وتعلمه. ولكن مثل أي إنسان من حقه أن يبحث عن مصالحه الخاصة. فهو يحلم بعمل شريف ومعاش يضمن له قوت يومه. ومن حقه أن ينتخب من سوف يساعده لتحقيق ذلك.

    وأنا فعلا معجب بأفكارك عن حكم النخبة. ولكن لا تنسب ذلك للإسلام بدون سرد أدلة قاطعة. الإسلام في العصر المحمدي صلي الله عليه وسلم. ليس له علاقة ولا يدعم أفكارك عن النخبة. بل يؤكد الديمقراطية المطلقة بكل وضوح.

    عندما بدأ الرسول صلي الله عليه وسلم في الدعوة للإسلام بدأ من القاعدة وليس من الصفوة، وفي المرحلة الأولي كان ثلثي أتباعه من العبيد الذين وجدوا فيه ضالتهم لنافذة جديدة لحقوقهم الضائعة ورفع الظلم والضغيان عنهم. ولم يذهب الرسول صلي الله عليه وسلم إلي النخبة من الشعراء والأدباء والمفكرين والتجار والصناع، بل هؤلاء أكثر من قاتلوه ورفضوه. لأنه كانوا يمثلون ما تدعوا أنت له. فقط كانوا زعماء قبائل وشيوخ أقوامهم وشيوخ صناعتهم وتجارتهم. وكانوا النخبة وهم المتحكمين ، بالتالي يحاربون فقط من أجل مصالحهم وليس مصالح من تحت أمرتهم. وجائهم الإسلام بالمساوة والديمقراطية، ولا فرق بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوي .. لم يقل الله سبحانه وتعالي إلا بالعلم أو الثقافة لأن ذلك ليس معيار ، فمن السهل أن يتواجد إنسان متعلم ومثقف ولكن جشع وأفاق ومجرم وأناني وكافر أيضا. لذلك فإن المعيار هو التقوي. فلو وجد رجل تقي وتولي أمرنا ، تأكد أنه سوف يسير كل شيء بأفضل شكل ممكن. لأنه قبل أن يتخذ أي قرار سوف يتعلم عن مجاله ويأتي بأفضل المستشاريين والمتخصصين ليناقشهم ويتشاور معهم حتي يجد القرار السليم. وهذا هو ما تقوم عليه الديمقراطية هي أن ينتخب الشعب من يثق فيه وثم يقوم هذا الشخص بأخذ القرار بناء علي من يثق فيهم من المستشاريين المتخصصين كل منهم في مجاله.

    وأتذكر قول الرسول صلي الله عليه وسلم " أمركم شوري بينكم" صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم
    فلم يقل أمركم شوري لشيوخكم أو نخبتكم المثقفة

    مات الرسول ولم يولي أحد أو يترك حتي أسماء يفضلها عن أخري. وذلك لكي يضرب لنا درسا مهم في الديمقراطية وهي أن الشعب هو من له الحق في الإختيار. وأنا أعترض بشدة علي من يعتبر ما حدث في عهد الخلافاء الراشدين من الإسلام ولابد أن نتبعه. لأنهم كانوا بشر وكل منهم له فكره الخاص ولم يكن يوحي لهم لكي نتبعهم. فالسنة هي فقط سنة النبي وأنا لست مجبر أن أتبع سنة أبو بكر أو عمر أو عثمان أو علي. فحتي الصحابة في الكثير من القرارات كانوا يسألون النبي هل هو من عندك أم من عند الله. ولنا مثال في معركة الخندق وموقف الرسول مع سلمان الفارسي، فالأخير لم يكن أفضل من صفوة مقاتلي قريش والعرب. ولكنه قدم فكرة جيدة وإقتنع بها الحاكم كونه تقي أي يبحث فقد عن الحق والعدل والرأي السديد الذي فيه الخير للجميع وليس لفئة علي أخري.

    وأخيراً .. نظامك النخبوي يذكرني بأسباب قيام الثورة الفرنسية.

    وأسف علي الإطالة
    وشكرا علي المدوثة الثرية جدا

    ردحذف
  2. مرحبا أخي الفاضل:
    شكرا لردك الشامل الثري..
    عندي ردود مفصلة على كلامك، لكني لا أجد الطاقة النفسية لكتابتها بسبب ما يحدث لأهلنا في ليبيا، لهذا أرجو أن تقرأ هذا المقال أولا فهو جزء من ردي عليك، ثم سأعود بإذن الله لاحقا لأواصل ردي:
    دستور يا أسيادنا:
    http://mhmdhmdy.blogspot.com/2011/02/blog-post_19.html
    تحياتي

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر