المتابعون للمدونة

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

1- كيف ظهرت الحلقات الوسيطة بالصدفة؟

الحلقات المفقودة في الداروينية الفقيدة!
1- كيف ظهرت الحلقات الوسيطة بالصدفة؟

الداروينية الجديدة مبنية على تراكمات مستحيلة من الصدف بشكل لا يوصف.. فهي تفترض أن أخطاءً عشوائية عمياء في عملية نسخ DNA أثناء التزاوج، ستوجد بالتدريج نوعا جديدا أفضل تصميما من سابقه، وأن هذه الأخطاء ستضيف محتوى معلوماتي جديدا للمحتوى الوراثي الموجود، كأن تضيف شيئا لم يكن موجودا من قبل، كالورقة أو الزهرة أو الجناح أو الريش أو الخرطوم أو المخ.... إلخ!.. فكيف يفعل الخطأ الأعمى كل هذا؟
وإن افترضنا أنه حدث.. فكيف سيتجنب النوع الجديد الأمراض الوراثية والتدهور الجيني الموجودة في النوع السابق، لكي تتاح لهذا النوع الجديد فرصة الاستمرار لآلاف السنين وظهور أنواع أخرى منه، بحيث تظل الجذوة مشتعلة لملايين السنين؟
إذن فالداروينية تفترض بداهة أن الصدفة الخلاقة يجب أن تحدث في أكمل زوجين في النوع القديم.. فيجب أن يتصادف أكمل ذكر مع أكمل أنثى في النوع الأول فيتزاوجا، فينتج عن هذا ذرية صحيحة بها (خطأ مبدع) ولو صغير.. لأن ظهور نوع جديد من أي فردين آخرين أقل اكتمالا سيعني بالضرورة ظهور نوع جديد أقل اكتمالا، وفرصة مثل هذا النوع في الانقراض أعلى.
ملحوظة: أتكلم هنا عن الأكمل جينيا وليس الأقوى بدنيا كما تدعي فكرة صراع البقاء في الداروينية.. فالذكر الأقوى يمكن أن يكون حاملا لأمراض وراثية لم تظهر أعراضها عليه بعد أثناء التزاوج.. كما يمكن أن تكون هذه الأمراض متنحية ولن تصيبه أبدا، لكنها يمكن أن تصيب أبناءه وأحفاده!.. وفي كلتا الحالتين، سيحصل هذا الذكر على فرصته في البقاء والتناسل رغم أنه ليس الأكمل وراثيا.. وهذه جزئية تكفي وحدها لنسف نظرية داروين!
ثم بعد حدوث (الخطأ المثالي) الأول، تستمر الذرية التي تحمله في الحياة والتناسل لتتراكم (الأخطاء المبدعة) على ذلك الخطأ الأول، إلى أن ينتج نوع جديد مختلف جذريا.. وهذا يجعلنا نتساءل عن احتمال صمود بضعة أفراد من حاملي الطفرة النافعة لكل مخاطر البيئة والحيوانات المفترسة والأمراض!.. ماذا لو حدث التغير لكن حامله مات مبكرا دون نسل؟
هذا يعني أن نفس الصدفة الخلاقة يجب أن تحدث مرات عديدة في أفراد مختلفين، لكي نضمن أن موت بعضهم بدون نسل لن يقتل تلك الطفرة المبدعة معهم!!
هل يبدو لكم هذا كلام عقلاء، ناهيكم عن علماء؟
معروف تماما في علم الإحصاء أن انتظار تكرار نفس الأمر، يعقّد الاحتمالات ويجعلها أقل قابلية للحدوث.. مثلا: لو ألقيت عملة مرة واحدة، فاحتمال أن تحصل على الصورة هو 50%.. أما لو ألقيتها مرتين، فاحتمال أن تحصل على الصورة لمرتين متتاليتين هو 25%.. ولو ألقيتها ثلاث مرات، فاحتمال أن تظل تحصل على الصورة في المرات الثلاث تباعا هو 12.5% فقط.. وهكذا يظل الاحتمال يتضاءل بصورة أسية Exponentially حتى يصل سريعا إلى قيمة أقرب ما تكون إلى الصفر!.. إن احتمال أن تحصل على الصورة في مئة رمية متتالية هو 1/(2 أس 100)، وهو احتمال مستحيل!
دعونا نطبق هذا على الحلقات الوسيطة.. إننا هنا نتكلم عن احتمالات متراكبة بطريقة لا يمكن حدوثها، فنحن ننتظر:
أ- أن تحدث طفرة في الخلايا الوراثية (الحيوانات المنوية والبويضات) وتنجح هذه الخلايا في التكاثر وتكوين أجنة.
ب- أن تكون الطفرة مفيدة.
ج- أن تكون الآباء مثالية جينيا للحصول على حلقة وسيطة مثالية جينيا.
د- أن يستطيع الأفراد الذين يحملون الطفرة الجديدة، الحياة وسط أخطار البيئة ليمكنهم التناسل.. هذا الاحتمال يقل كثيرا كلما قل عدد الأفراد الحاملين للطفرة.. لكن المشكلة أن افتراض زيادة عدد الأفراد الحاملين للطفرة يجعل احتمال حدوث هذه الطفرة أكثر استحالة!
إن الاحتمال النهائي لحدوث كل هذه الشروط معا، هو حاصل ضرب كل هذه الاحتمالات، وهو يجعل الاحتمال الإجمالي صغيرا جدا ومستبعدا.. لكن دعونا نبسط الأمور هنا، ونفترض جدلا أن احتمال ظهور أفراد يحملون طفرة مفيدة بظروف مثالية لاستمرارهم، هو 1 في الألف فقط.. لاحظوا أن الأدق أن نحسب احتمال حدوث طفرة من عدمه (لأن الطبيعي ألا تحدث طفرة أصلا)، ثم نحسب احتمال أن تكون هذه الطفرة مفيدة.. لو افترضنا أن الاحتمال الأول هو 1/1000 (طفرة في جنين واحد من كل ألف) والاحتمال الثاني هو 1/1000 (طفرة واحدة مفيدة من كل ألف طفرة)، فهذا يعني أن احتمال حدوث طفرة بشرط أن تكون مفيدة هو 1 في المليون.. لكن كما ذكرت، سنتجاهل كل هذا، ونعتبر أن هذا الاحتمال 1 في الألف فقط، لنرى أين سيقودنا هذا الاحتمال المبسط.
نحتاج الآن إلى أن تتكرر هذه العملية في جيل تال لكي تتراكم الطفرات التدريجية المزعومة على نفس الخط الذي سنحصل في نهايته على نوع جديد.. احتمال نسبته 1/1000 في الجيل الأول، ستصير نسبة تكراره في الجيل الثاني هي 1 في المليون.. وفي الجيل الثالث، سيتضاءل هذا الاحتمال إلى 1 في المليار.. وفي الجيل الرابع سيتضاءل إلى 1 في الترليون.. وهكذا...
فلو افترضنا أننا نحتاج إلى 100 طفرة مفيدة فقط لخلق نوع جديد، فإن احتمال حدوثها في نفس السلالة سيساوي 1/ (ألف أس 100)، أي 1 / (10 أس 300)، وهو احتمال يساوي في الرياضيات صفرا، لأن 10 أس 300 هو رقم لانهائي بالنسبة لكل شيء نعلمه في عالمنا، وقسمة 1 على ما لا نهاية تعطينا صفرا!.. لاحظوا أننا وصلنا إلى هذه النتيجة القاطعة رغم أنني افترضت منذ البداية أرقاما بسيطة للغاية: 1/1000 فقط لحدوث طفرة مفيدة، و 100 طفرة مفيدة في 100 جيل فقط لصنع نوع جديد!
لاحظوا أيضا أن عدد الأفراد في نفس النوع وعبر 100 جيل لا يمكن أن يكون كبيرا جدا للدرجة التي تقلل من فداحة هذه الاحتمالات، لأن لكل نوع عدوا طبيعيا يحد من زيادته، وحتى لو لم يتوفر العدو الطبيعي، فإن موارد البيئة محدودة، وزيادة أفراد النوع عن حد معين تؤدي إلى استهلاك الغذاء وموتهم بالمجاعة.
فماذا لو قلت لكم إن الحياة في الواقع أعقد من افتراضاتنا هنا بكثير، وأن الاحتمالات الفعلية أكثر استحالة من حساباتنا؟.. على سبيل المثال: يجب أن نضع تعريفا واضحا للطفرة المفيدة والطفرة الضارة.. فالطفرات التي تصنع جناحا مثلا ستكون ضارة لو أضافت للطائر ثلاثة أجنحة بدلا من جناحين، لأنها ستعجزه عن الطيران والمشي!.. كما أن ترتيب الطفرات مهم حتى يكون هناك تراكم إيجابي في الطفرات، وهو ما لم نأخذه في الاعتبار.. مثلا: لكي يتم بناء الجناح بشكل تدريجي، يجب إنشاء عظامه بالتدريج أولا، ثم كسوها بالريش بعد ذلك.. افترض مثلا أننا نحتاج 100 طفرة فقط لتحويل نوع إلى آخر، وأن كل طفرة يجب أن تحدث في ترتيبها الصحيح.. احتمال أن نختار الطفرة الصحيحة عشوائيا من بين 100 طفرة هو 1/100.. هذا يجعل احتمال حدوث طفرة مفيدة بشرط أن تكون في الترتيب الصحيح هو 1/1000 × 1/100 = 1/(10 أس 5).. وهذا يجعل احتمال تراكم 100 طفرة مفيدة بالترتيب الصحيح هو 1/ (10 أس 500)!
كما ترون: كلما اقتربنا بافتراضاتنا من الواقع العملي، صارت الأمور أكثر استحالة.. مع أن الأقل استحالة هو غير محتمل الحدوث أصلا!
لاحظوا أننا هنا نتكلم عن احتمال نشوء نوع واحد فقط بالطفرات العشوائية.. لكن الحقيقة أن لدينا في الحياة أكثر من 9 مليون نوع، واحتمال تكرر الصدف التي تخرج كل نوع منها من الآخر لنحصل على شجرة التطور الدارويني المزعومة هو 1/ (10 أس 500 أس 9 مليون) أي 1/ (10 أس 4.5 مليار) وهو احتمال مستحيل بكل السبل، لأن العدد واحد وعلى يمينه 4 مليار صفر هو رقم أكبر من تخيلنا للما لا نهاية بما يفوق الوصف.. لكي تفهموا هذا، أذكركم بأننا حين حسبنا الوقت الذي يحتاجه الحاسب الآلي لمجرد العد من 1 إلى 10 أس 30، وجدنا أنه 126 مليون مليون سنة!.. أي أن 10 أس 30 تتجاوز الما لا نهاية بالنسبة لعمر الكون وقدرات الحاسب الآلي، فما بالنا بالرقم 10 أس 4 مليار؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر