المتابعون للمدونة

الاثنين، 22 نوفمبر 2010

16- التدخل البشري في برمجة أول صبغ وراثي صناعي

أبدع حاسب وأبدع نظام تشغيل
16- التدخل البشري في برمجة أول صبغ وراثي صناعي

أعلن علماء أمريكيون يوم 20 مايو 2010 أنهم أنتجوا أول صبغ صناعي، وأنهم نجحوا بالفعل في جعله يتكاثر لإنتاج خلية حية جديدة!
ما حدث، هو أن هؤلاء العلماء أخذوا نظام التشغيل الإلهي DNA من إحدى أنواع البكتريا الصغيرة، ووضعوه على الحاسوب، وصنفوا الجينات الموجودة عليه، ثم تلاعبوا بترتيب بعضها لإنتاج شفرة وراثة مختلفة بعض الشيء، ونقلوا هذه الشفرة إلى بكتريا حية بعد تفريغ نواتها من الحمض النووي الأصلي الخاص بها.. وبعد تجارب ومحاولات مضنية بدأت هذه البكتريا في التكاثر لإنتاج هذا الكائن الذي غيروا جزءا من تركيبه الوراثي.
هذه العملية تؤكد عدة أمور:
1- لا دور لأي صدفة أو عشوائية هنا.. لقد بدأت التجربة بحمض نووي معروف، قام بدراسته وتحليله علماء أفنوا عمرهم في قراءة خريطة الجينوم تحت قيادة رائد الخرائط الجينية البشرية كريغ فنتر، واستخدموا الحاسوب في عملهم، للوصول إلى ترتيب منطقي للجينات في نطاق فهمهم.. هذا يؤكد أن أي تغيير في الحمض النووي يجب أن يكون وراءه عقل واعٍ وتقنية متقدمة وسنوات من البحث، وتجريب طويل مدروس للتعلم من الأخطاء وتلافيها.. كل هذا لا يمكن أن يتوافر لأي صدفة عمياء!
2- لم ينتج الإنسان خلية حية، لكنه نجح في إنتاج أول صبغ (كروموزوم) شبه صناعي، واستخدم الخلايا الحية في ترجمة شفرته للحصول على نوع شبه جديد.. هذا يؤكد لنا من جديد أن الحياة لا تنشأ إلا من الحياة، فالإنسان ما زال عاجزا حتى اليوم عن صناعة بروتين واحد ميت بدون الاستعانة بالخلية الحية.
3- يصف فنتر ما حدث، بأننا حصلنا على كائن حي جديد والده الكمبيوتر.. في الحقيقة هناك تساؤلات كثيرة عن السمات المميزة لهذا الكائن الذي حصلوا عليه، والتي تجعله يختلف عن 9 مليون نوع من المخلوقات التي يقدر وجودها على ظهر الأرض.. هل الاختلاف محدود عن النوع الأصلي الذي تم التلاعب به، مما يجعل النوع الناتج مجرد فرع منه كما يحدث في التغيرات الوراثية؟.. هل النوع الجديد يشبه أيا من الأنواع المعروفة الموجودة؟.. أم أن هذا النوع جديد فعلا ومميز؟.. وما هي قدراته الجديدة؟. هل هو ضار بالنبات أو الحيوان أو الإنسان؟.. هل سيلتهم اللحم أو البلاستيك أو الحديد؟.. هذه مخاوف مرعبة تركها لنا كتاب الخيال العلمي كتحذير في رواياتهم عبر نصف القرن الماضي، وللأسف يبدو أن أحدا لا يستمع إلى هذه التحذيرات.. إن محاولات فنتر ومن معه لإنتاج الأمصال أو الوقود الحيوي بهذه الطريقة قد تنتج الفيروس الذي يقضي على البشرية أو يدمر الحضارة، لأن فهمنا لخريطة الجينوم ما زال ناقصا ومحدودا حتى اليوم!
4- كما أكدنا في أول هذا الموضوع: الإنسان يتعلم من خطة الخلق التي أبدعها الله سبحانه وتعالى في مخلوقاته وبرمجها على أنظمة تشغيلها الوراثية.. إن أول مهندس وراثي موجود على ظهر الأرض منذ مليارات السنين، هو الفيروس، الذي يحقن مادته الوراثية في الخلايا التي يصيبها ليجعلها تعيد إنتاجه، فهذه هي الوسيلة الوحيدة التي يتكاثر بها.. ولقد اقتبس الإنسان هذه التقنية في عملية الاستنساخ، واقتبسها اليوم مرة أخرى لهندسة صبغيات وراثية وحقنها في البكتريا لجعلها تنتج كائنات أخرى.. يمكننا أن نقول اليوم بفخر: إن علم الإنسان تطور أخيرا إلى أن نجح في تقليد الفيروسات J.. وكما قلت سابقا: إن كل علماء الأرض أعجز من أن يكتبوا الشفرة الوراثية التي تحرك جناح بعوضة، وكل ما يعملون في نطاقه إلى الآن، هو التلاعب بشفرات موجودة فعلا ولمخلوقات حية مجهرية.. بالمناسبة: لا أحب تسمية البكتريا بالمخلوقات البدائية، فهي لا تقل إبداعا عن المخلوقات الأخرى.. بل إن الإنسان في مسرته التقنية يبدأ بالأضخم (كالحواسيب العملاقة) ثم يطوره إلى أن يصير أصغر (كالحواسيب الكفية المحمولة، وإرهاصات تقنية النانو).. في الحقيقة، وجود خلية واحدة تقوم بكل العمليات الحيوية التي تقوم بها باقي المخلوقات التي تتركب من تريليونات الخلايا، وتستطيع أن تحافظ على بقاء سلالتها إلى اليوم، هو إبداع يثير الذهول.. لكن أدعياء نظرية التطور يجب أن يحقروا من شأن هذه المخلوقات البديعة، لكي يوهمونا بخرافتهم  عن التطور المزعوم!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر