المتابعون للمدونة

الخميس، 21 أكتوبر 2010

رؤية أشمل لواقعة الاعتداء على طالبة الزقازيق

رؤية أشمل لواقعة الاعتداء على طالبة الزقازيق
ليس دفاعا عن الحكومة.. ولكن دفاعا عن هرم القيم

اعتداء ضابط أمن على طالبة أزهرية في الزقازيق هو حديث الساعة في مصر هذه الأيام.. خاصة أن الاعتداء مصور ومنشور على اليوتيوب:
بعد مشاهدة هذا المشهد، أظن أول انفعال طبيعي ينتابنا جميعا هو الغضب والغيرة على فتيات ضعيفات يُضربن بعنف.. وهذا ما عبر عنه د. أحمد خالد توفيق في مقاله على بص وطل:
قد شاهدت مقطعا مصورا آخر تتحدث فيه الطالبة نفسها بعد ضربها مباشرة وقبل ركوبها سيارة الإسعاف، وتقول فيه إن الضابط أراد تفتيش حقيبتها، فقالت له إن هذا ليس من حقه، وإنها أرته الكارنيه وهذا يكفي.
وبعد أن أعدت مشاهدة مشهد اعتداء الضابط عليها (والذي أؤكد أنني لا أدافع عنه، ولا يستحق هذا أصلا)، بدأت أرى الأمر من منظور آخر:
فنحن هنا لا نتعامل مع فتيات عاديات منكسرات ضعيفات معتدى عليهن بلا سبب.. بل على العكس تماما، هؤلاء فتيات ممتلآت بالحماس والتحدي، يحملن فكرا أيدلوجيا هو الذي يحركهن، ويحملن كرها هائلا للسلطة وكل ممثليها، حتى إن الفتاة رفضت أن يفتش الضابط حقيبتها بدعوى أن هذا ليس من حقه.. والواقع أن هذا من حقه ومن دوره.. ولو كانت هناك امرأة في طاقم الحرس الجامعي، لجاز لها أن تفتشها تفتيشا ذاتيا كل يوم لمجرد الاشتباه!.. وهذا أمر قانوني تماما.. صحيح أننا نعرف أن تفتيش حقيبة طالبة إخوانية هو أمر متعمد لمضايقتها، لكن المفروض والمتوقع من فتاة تربت تربية إسلامية، ألا تتحدى الضابط بأي شكل من الأشكال، وألا تستجيب لاستفزازاته مطلقا، بل تستجيب لأوامره بمنتهى الهدوء، لتنتزع من يده أي ذريعة ضدها، واثقة أن هذا سيكون جزءا من كسب تعاطفه مع قضيتها على المدى البعيد.. ولو حدث وأساء إليها الضابط بكلمة، فعليها أن تشكوه لرؤسائه ومسئولي الجامعة، وأن تستعين بوالدها وإخوتها لتصعيد الأمر، لا أن تقف بنفسها تتحدى ضابط شرطة، معلوم تماما ما الذي يستطيع فعله بها!
وحين تشاهدون الفيلم، ستسمعون عبارات مثل:
"وحياة ديني ما أنا سايباك"
"ما تمدش إيدك على أخت لأقطعهالك"
"أنت مش محترم وقليل الأدب وقليل الذوق"
وهي كلمات لو وجهها رجل عادي إلى رجل عادي، لكانت كافية لقيام شجار دموي بينهما، ولو وجهتها امرأة إلى رجل عادي لأصابته بالجنون باعتبار أن هذا يهين رجولته، فما بالكم لو تم توجيهها من فتاة إلى ضابط أمن أكبر منها في السن، يملؤه غرور السلطة، وعلى خلفية صراع أيدلوجي عميق يمتد إلى قرن، ونحن نعرف جيدا أن مثل هؤلاء الضباط يخضعون لعملية غسيل مخ مكثفة لدفعهم إلى كراهية الجماعات الإسلامية، ورؤيتها كجماعات متمردة خارجة على النظام معادية للتقدم، داعية إلى الإرهاب.... إلخ؟!
والسؤال هنا هو: هل يعلّم كل منا بنته أن تتحدى النظام وضباط الشرطة والرجال، وأن تلقي عليهم بتهديدات جوفاء تثير جنونهم، وهي لا تقدر على تنفيذها؟.. وبعد أن تنجح في الحصول على الضرب والإهانة وتذهب إلى المستشفى، هل المطلوب منا أن نموت دفاعا عن كرامتها التي لم تبذل هي أدنى جهد لصونها أصلا؟
وهل الرفق بالقوارير، يعني أن تقف القارورة بمنتهى الاستفزاز لتتحدى الرجال وتسبهن؟
أنا أرى أن القارورة في هذه الحالة ليست مطابقة للمواصفات.. القارورة معدنية، ويمكنك أن تضربها في الجدار دون أن تنكسر!.. ولا فتاة من هذه يمكن أن يزغر لها الأستاذ عباس ـ المشار إليه في مقال د. أحمد خالد ـ فتكش.. وإلا كان ضابط الأمن اكتفى بشخطة عنترية وانتهى الأمر!
من وجهة نظري، أن هذا الخلل لا يأتي فرديا.. فحينما لا تكون المرأة امرأة، يلازم هذا دوما أن الرجل لم يعد رجلا!
نموذج التربية الذي يعلم فيه الأب ابنته ألا تحترم الرجل وممثل السلطة، هو نفسه نموذج التربية الذي يتعلم فيه الذكر أن يحل مشاكله بالقوة، وأن يمارس عنفه ضد الأنثى، ويتفاقم هذا إلى أن يجعل رمز السلطة يمارس بطشه ضد المواطنين بدلا من أن يحميهم.. فالاحترام كائن يسير على قدمين، أي أنه يجب أن يكون متبادلا، وإذا فقد الاحترام إحدى قديمه، هوى أرضا وصار كسيحا!
والحقيقة المؤسفة، هي أن المجتمع كله تسوده لغة العنف والقهر وعد الاحترام، ولم يعد هناك صبر ولا تفاهم ولا توقير للرموز والأعمار والمناصب.
ويتضح هذا حتى على المستوى الصغير، ففي كل مشكلة طلاق سمعت عنها، وجدت جميع الأطراف يتعاملون بصلف وعنجهية، والجميع تحدوهم كبرياؤهم الزائفة إلى هدم المعبد على رءوس الجميع، وأهالي المرأة أحرص على خراب بيتها من أهالي الرجل!!
لقد اختفى المجتمع الأبوي والمجتمع الرجولي، ونحن نعيش في مجتمع ذكوري تحركه هرمونات الغضب والأنانية.. وأعني بالذكوري رجاله ونساءه على حد سواء (فكلاهما تسري في بدنه هرمونات الذكورة بالمناسبة) وهذا عكس ما تدعيه المنظمات النسائية، فللأسف الذكور هم الجنس السائد اليوم، بعد تحول الإناث إلى ذكور بدعوى المساواة!
وأكرر أن هذا الخلل في التربية يقع فيه الجميع: أغنياء وفقراء، علمانيون وإسلاميون، وكل ما هو وسط بينهما، فقد اختفى نموذج الرجل الحازم والمرأة الرقيقة من بيوتنا وأفلامنا ومدارسنا، وصارت كل القيم محفوظات لا يراها أحد تطبق.
وبسبب فقدان هرم القيم، صرنا نرى المدرسين يُضربون ويهانون من طلبتهم في المدارس، والمدرس الذي يحاول فرض احترامه بالقوة يمكن أن يجد نفسه متورطا في جريمة قتل لتلميذ وملقى خلف القضبان!!
وصرنا نرى المحامي يضرب وكيل النيابة.. وعسكري الأمن يضرب القاضي.. وأهل المريض يعتدون على الطبيب إذا اشتبهوا أنه أهمل علاجه، والعمال الغاضبون في المحلة يحرقون صورة الرئيس في إضراب 6 أبريل.
وهذه مؤشرات خطيرة للغاية، لأنها تعني أن الرموز كلها فقدت معناها، وأنه لو تغير الأشخاص غدا، فلن يستطيعوا إصلاح شيء في المجتمع، لأنهم هم أنفسهم وكل أجهزتهم سيواجهون نفس التحدي والعنف وعدم الاحترام من الجميع عند أول قرار يخالف هوى الأغلبية!.. وأنا متأكد أن الوضع لو انقلب، أننا سنرى نفس مشهد الفيدو لرجل أمن إخواني يفقد أعصابه أمام فتاة سافرة تصر على دخول الجامعة، بينما الأوامر التي لديه تقول إن دخول الجامعة للمحجبات فقط، ومن السهل حينها أن يجن جنوه حينما تسبه وتتهم جماعته وأيدلوجيته بالتخلف والهمجية، فيعتدي عليها بالضرب!.. ببساطة لأن رجال الأمن الإخوان لن يكونوا ملائكة من السماء، بلب بشر مثلنا، يمكن أن يفقدوا أعصابهم!
***
وأنا لا أفهم من الإسلام أنه يأمر المرأة بتحدي ضباط الشرطة أيا كانت الأوامر التي لديهم.. بل إن الإسلام لا يأمر حتى الرجل بتحدي ضابط الشرطة!!.. هذا الحديث في صحح مسلم:
(قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ إِنّا كُنّا بِشَرَ. فَجَاءَ اللّهِ بِخَيْرٍ. فَنَحْنُ فِيهِ. فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْر شَرّ؟ قَالَ: "نَعَمْ" قُلْتُ: هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشّرّ خَيْرٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ" قُلْتُ: فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرّ؟ قَالَ: "نَعَمْ" قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: "يَكُونُ بَعْدِي أَئِمّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، وَلاَ يَسْتَنّونَ بِسُنّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إنْسٍ" قَالَ قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ يَا رَسُولَ اللّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: "تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ. وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ. وَأُخِذَ مَالُكَ. فَاسْمَعْ وَأَطعْ").
ولو تدبرتم فيما قلته أعلاه، لوجدتم الحكمة في الحديث في غاية الوضوح: الحفاظ على منظومة الأمن أولى من مواجهة الظلم بالعنف، لأن الحاكم الظالم يتغير، ومن السهل على حاكم عادل أن ينشر العدل إن وجد منظومة أمن راسخة يوقرها الجميع.. بينما لو انهارت منظومة الأمن، فستنتشر الفوضى، وسيتحول الأمر من حالات متفرقة للظلم، أو من ظلم متعمد تجاه فئة معينة، إلى ظلم عشوائي منتشر في كل مكان، وضد الجميع، حيث يسيطر المجرمون والبلطجية على حياة الناس، وينعدم الأمان وتهان كرامة كل إنسان كل يوم!
والحقيقة أن أكثر ما نخشاه على مصر الآن، هو الدخول في مرحلة الفوضى، وانهيار الحكومة كلها، تحت وطأة المشاكل الاقتصادية، وإضرابات العمال والموظفين المتوالية، وعجز الحكومة عن حل أي مشكلة من مشاكلنا المتفاقمة!.. انهيار الحكومة معناه العجز عن دفع رواتب الجيش والشرطة والموظفين، وتوقف كل الخدمات، وشيوع الفوضى والبلطجة.. وهذا شيء لا يتمناه عاقل لبلده، وهو يختلف تماما عن تغيير الأشخاص الممثلين للحكومة مع بقاء مؤسسات الدولة تؤدي عملها.
لهذا دعونا نتفق على مبدأ هام للغاية، وهو أن رجل الأمن مجرد موظف في الدولة ينفذ الأوامر التي تصدر له، ولا يحق لنا أن نعاقبه على أخطاء رؤسائه.. فإن كانت لديه أوامر بمنع فتيات لهن انتماءات معينة من دخول الجامعة، فهذه ليست مسئوليته.. والطبيعي في هذه الحالة أن تشتكي الفتاة المتضررة لدى رئيس الجامعة، أو تراسل الصحف أو الفضائيات، لا أن تستفز الضابط الذي لا رأي له في كل ما يحدث.. هذا مجرد طرف صغير لأخطبوط هائل، وبتره لن يغير أي شيء.. وحتى لو نجحنا جدلا في بتر كل أطراف الأخطبوط، فسنكون قد دمرنا الدولة نفسها، لا حكومتها!

بالمناسبة: أتوقع لو تم رفع قضية ضد ذلك الضابط، أن تُحاكم هذه الفتيات بتهمة استفزاز الأمن والخروج على النظام وإثارة الشغب إلى آخره.. وهذا شيء يجب ألا نختلف على صحته.. الاعتداء على رجل جيش أو شرطة، يعتبر اعتداء على الزي الرسمي أكثر من كونه اعتداء على من يلبسه، لهذا يعتبر اعتداء على هاتين المؤسستين.. وخطورة هذا كما أوضحت سابقا، أنه يهدد بضياع الدولة كلها، أكثر مما يعد بتغيير النخبة الحاكمة!

نفس هذا الكلام يقال عن عناصر الأمن المركزي الذين يصابون في كل مواجهة مع المتظاهرين، وما هم إلا أبناء الشعب المصري المجندون إجباريا وينفذون الأوامر بلا حيلة.. والمؤسف أن جرحهم أو قتلهم لا يؤذي من يحتمون خلفهم من رموز السلطة في شيء، بل على العكس، من يتضررون من هذا هم فقط أهاليهم البسطاء!
وأؤكد مجددا أنني لا أدافع هنا عن رجال الأمن المصري، فكثير منهم بالفعل يتصرف بطيش ورعونة ويسيء استغلال السلطة.. وهذا منطقي لأن مؤسسة الأمن ـ ككل شيء في مصر ـ فقدت منذ أمد بعيد الفرز الطبيعي، وصارت الواسطة والرشى تتحكم في اختيار أفراده، مع وجود حواجز نفسية تمنع الشرفاء من اختيار هذا المجال، وحواجز حكومية تمنع أي فرد له أقارب من تيارات إسلامية من دخول الشرطة والجيش.
لهذا أتفق مع من يقول إن انفلات رجال الأمن وسوء استغلال نفوذهم تحول إلى ظاهرة تفرض نفسها على المجتمع.. وقد بدأت مشاكلهم تتجاوز المستضعفين من الشعب والتيارات الإسلامية، إلى الاحتكاك بالطبقة فوق المتوسطة وبرجال الأعمال وأبنائهم.. خالد سعيد رحمه الله لم يكن من طبقة دنيا أو منتميا إلى تيار إسلامي، وهناك ضابط أمن دولة اعتدى مؤخرا على وكيل نيابة، وهناك في المقابل ابن رجل أعمال اعتدى على رجل أمن دولة متقاعد، وهناك السكري وعلاقته بطلعت مصطفى.. هناك علاقات جديدة تتشكل وتفرض نفسها على المجتمع، تؤكد كلها أن رجال الأمن خرجوا من المربع التقليدي كأذرع لأخطبوط السلطة، وبدأوا يدخلون في علاقات مختلفة مع طبقة رجال الأعمال، وهذا في رأيي مؤشر خطير يجب أن تنتبه له الدولة، قبل أن يخرج عن السيطرة، ويؤدي إلى نتائج غير متوقعة.
***
في ضوء كل ما قلته أعلاه، دعونا نعيد مشاهدة الفيدو من جديد، وستجدون كل هذا واضحا للغاية في أول الفيلم، حيث تسمعون فتاة تقسم بدينها إنها لن تترك ذلك الضابط.. وقد برت بقسمها فعلا، وجعلته عبرة في بر مصر كله، وأظن أن الحكومة ستنقله من موضعه هذا، على الأقل لحمايته من كل الغاضبين الراغبين في الانتقام للفتاة منه.
لهذا لعلكم لا تفاجأون لو قلت لكم إنني أرى فيما حدث أكبر مثال على أن "كيدهن عظيم"، فقد وقفت الفتيات يصورن ذلك الضابط المغفل في محاولة عمدية لاستفزازه وإخراجه عن شعوره، ونجحن فعلا (حتى وهو يضربهن، ظل التصوير مستمرا، ولم تتراجع الفتيات!!).. هذا مشهد من مشاهد إثارة الثيران في حلبة المصارعة، وقد أدت الفتيات دور الميتادور بكفاءة، وحصلن على اللقطة التي أردنها، وكن جاهزات بالصراخ و"حسبي الله ونعم الوكيل" و"من يعين الظالم ظالم".. وبهذا نجحن في إثارة الجماهير الغفيرة وتقديم عرض مثالي وتحقيق تعاطف شعبي غير مسبوق!
وفي رأيي أنهن هنا كن يطبقن خبرة مكتسبة من عمليات مقاومة الاحتلال: كيف تستفز المحتل الغاشم، لتفضحه على الملأ وتكسب المزيد من التأييد الشعبي!
كما أنني أرى أن الفتيات اللاتي واجهن الضابط ونجحن في استفزازه، نموذجا للمرأة العدوانية، ولا أظن إحداهن قادرة على الصبر على زوجها أو الرفق بأبنائها أو تطبيق أي قاعدة شرعية يحفظنها عن دور المرأة في الحياة.. لأن السلوك دالة في الشخصية والاتزان النفسي، والانفعال والتحدي يعطلان العقل ومنظومة القيم عند حدوث مشاكل بين الزوجين.. لهذا أشك أن فتاة من هؤلاء تستطيع أن تصبر على زوجها حينما يدب بينهما خلاف!.. هؤلاء نموذج مناضلات.. لا فتيات رقيقات وزوجات ممتثلات!
ويؤسفني أن تكون تلك الفتيات مجرد دمى تستخدم في معارك سياسية أكبر منهن!
في الحقيقة، هناك أسئلة تعاودني في كل مرة أرى فيها في الجامعة فتاة كاسية عارية أو فتاة تسير في مظاهرة، أو حتى معيدة منضبطة: ما الذي نريده من فتياتنا، وكيف نربيهن؟
الطلاق في مصر تجاوز ثلث عدد الزيجات، وفشل التربية واضح في سلوك الأبناء، ورغم هذا ما زال الجميع يسيرون إلى نفس الهاوية: تخريب فطرة المرأة في مسار تعليمي طويل يفضي إلى البطالة والعنوسة أو إلى العمل وإهمال تربية الأبناء والطلاق!
لهذا لا تتعجبوا لو قلت لكم: إن ذلك الضابط المستفز لم يكن أول ولا آخر من ظلم تلك الفتاة.. فالخلل أعمق وأبعد من هذا بكثير، ويتعلق بتشوه رؤيتنا لأنفسنا وللحياة ولدور المرأة فيها، وهو خطأ يرتكبه الجميع بلا استثناء سواء كانوا على اليمين أو اليسار أو ظلوا في الوسط!
لعلنا هنا نحتاج إلى أن نعيد طرح الأسئلة البديهية:
·       ما هي السعادة؟
·       ما هي التربية؟
·       ماذا أريد من بنتي وماذا أريد لها؟
فربما نصل هذه المرة إلى إجابات أفضل!



هناك تعليقان (2):

  1. الحاكم يجب ان يكون حازما والحزم لا يمنع من العدل فالاب بالبيت اذا لم يصر على تنفيذ اوامره فان الامور تذهب الى الفوضى وعدم الاطاعة وتنفيذ الاوامر .. الاب يضرب ابنه عندما يتمرد فيعلمه الطاعة وحين يكبر يتعلم المناقشة في حدود الادب .. مقال جميل وطويل جدا يلزمة صفحات للتحليل والمناقشة وانا اوافقك فيما قلت ..

    ردحذف
  2. نعم، يجب الجمع بين الحزم والعدل..
    لكن في فترات الثورات الشعبية فإن الناس تكون أقوى من الدولة (خاصة في ظل تدمير جهاز الشرطة التي قامت عليه الثورة أصلا)، وسيحتاج الأمر لجهد كبير وكثير من الخسائر في الأرواح والممتلكات إلى أن يتعلم الناس مرة أخرى أن الأصل في النظم هو السمع والطاعة والصبر على الابتلاء في الحدود التي لا تضيع فيها النفس والعرض والأمل في المستقبل..
    ومن يراجع كل مقالاتي قبل الثورة، سيجدني كنت أحذر باستمرار من أن المجتمع كله ينفجر، ومعدل العنف يتصاعد، وساء من الدولة أو من الأفراد والجماعات.. وقد حذر كثير من الكتاب والصحفيين من أن الدولة نفسها تتآكل، لكن المخلوع كان في غيبوبة (ربما حرفيا).. والنتيجة هي أن كل شيء انفجر، وكانت الثورة... ورغم أنها تعتبر ثورة غير دموية مقارنة بثورات أخرى، فقد قلت كثيرا إن هناك جزءا عنيفا فوضويا فيها، تسبب في حرق أقسام الشرطة ومعداتها، وهذا الجزء الفوضوي العنيف استمر في المواجهات مع الجيش في الفترة الانتقالية، ومستمر في التخريب والعنف حتى الآن ضد الرئيس المنتخب وحزبه.
    بخصوص طول هذا المقال، فلأنه تجميع للنقاشات والجدل التي حدثت بعد نشري للمقال الأول عن هذا الموضوع في عدة منتديات في ذلك الحين.
    تحياتي

    ردحذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر