المتابعون للمدونة

الجمعة، 27 أغسطس 2010

لســت كمــا تحلمـيـن

لستُ كما تحلُمين..
فلا ثغري نايٌ شجيٌّ، ولا قلبي كوخُ راهبٍ يغزلُ تراتيلَه.
أنا فقط عينانِ يملؤهما الشرر، يستمدّانِه من نارٍ عظيمةٍ تأكلُ جنباتي.
وتسمّينَ الشررَ نورا؟!!
كيفَ إذن لمْ تَرَيِ الدُّخانُ الّذي يتصاعدُ من بينِ آهاتي.
كيفَ لم تسحبي كفَّكِ مسرعةً حينما لامسَتْ كفّي؟
لماذا تصرّينَ على أن تتوهي في غاباتِ نفسي؟
على أن تقطعي دروبَها وحدَك، في جوٍّ ضبابيٍّ عاصفٍ راعد، مليءٍ بالصواعقِ والنيرانِ والبردِ والمطرِ والحَيْرةِ والضياع؟
ماذا تُغْني عنكِ أغنياتي الخافتة، وسْطَ الصرخاتِ واللعناتِ وصلصلاتِ السيوف؟
انزِعي نفسَكِ منّي، قبلَ أنْ تصيري مجرّدَ شمسٍ يأكلُها ثقبٌ أسود.
مهما كانت ضخمة.. مهما كان ضئيلا.. فمصيرُها الفناءُ فيه.
فلا هي أضاءتْه، ولا هو منحَها إلا العدم.
*****
لستُ كما تحلمين.
افركي عينيكِ فقط، ولن تعودي تَريْنَ في همسي حكاياتِ النهرِ لأزهارٍ ولهانة، ولا في صمتي غفوةَ البنتِ الحُلوةِ ذاتِ الضفيرةِ على صدرِ دُميتِها الصغيرة.
اصفعي وجهَكِ ببعضِ ماءٍ بارد، فقد يزولُ من رأسِكِ أثرُ كأسِ أحلامِ الأمس.
حينها ستنظرينَ إليَّ في دهشة، سَرعانَ ما تتحوّلُ إلى خوفٍ برّيّ، يجعلُكِ تتراجعينَ متخبّطةً غيرَ مصدّقة، حتّى تُلامسى جدرانَ عَلاقتِنا العنكبوتيّة.
حينَها لن أندهشَ كثيرًا لو ولّيتِ أدبارَ الفرار، فأنا نفسي أخافُ نفسي، أكثرَ ممّا تخافينَها أنت.
*****
آه!
إنّكِ ما زلتِ هائمة، تنظرينَ إليَّ تلكِ النظرةَ المُخدّرةَ الّتي تقتلُني.
أفيقي قبلَ فواتِ الأوان.
قبلَ أنْ تكتشفي أنّكِ كنتِ طيلةَ الوقتِ تحتضنينَ ذئبًا غافيًا، لا يمكنُ أن يرى فيكِ إلا عُصفورةً لا تُشبعُ أبدًا خواءَه.
كيفَ تُريدينَ للحُلمِ والخوفِ أن يجتمعا؟
*****
أفيقي لستُ لك.. ولستِ لي.
كلٌّ منّا اتجاهٌ مضادٌّ لرحلةٍ لا تنتهي.
قد تكونينَ حقًّا كلَّ ما أتمنّى.
ولكنّي أبدًا لستُ كما تحلمين.
*****
محمد حمدي غانم ـ 1997

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

صفحة الشاعر